كان سيلكو هو عظيم النوبة الذي أسس دنقلا العجوز كعا صمة لمملكته حوالي عام 536
ميلادته أي قبل ظهور الا سلا م .ولا ندري من أين قدم سيلكو ليؤسس عاصمته في هذا المكان . غير أننا نعتقد انه قد أتى من كرمه أو مروي القديمة حيث أقام أجداده. وهو أول من اعتنق المسيحية على يد القس اليعقوبي جوليان مبعوث ثيودورا زوجه الامبرطور الرومي جستنيان . ويقول الدكتور شوقي الجمل " كان ذلك في عام 542 ميلادي. وفعلا نجح ذلك القس في أن يصل للمملكة النوبية السفلى وان يقابل ملكها سيلكو ’ ونصر الملك والأعيان وعمدهم وأدخلهم في المسيحية والمذهب الأرثوذكس اليعقوبي ’ وبقى في البلاد النوبية ما يقرب من عامين مبشرا ومعمدا أهلها ’ وهكذا لم يجئ النصف الثاني من القرن السادس الميلادي حتى صارت بلاد النوبة رسميا مسيحية تحت حكم الملك سلكو ’ هذا بينما وصل لبلاد النوبة بعد ذلك وفد آخر من قبل الامبرطور جستنيان ’ ورغم انه قوبل بالحفاوة لكن رفض الملك وحاشيته اعتناق المسيحية على مذهبهم ’ ويقال إن ألبعثه نجحت بعد ذلك في إدخال المسيحية على المذهب الملكي في مملكة المقرة " . يتطرق الدكتور الجمل في كتابه " تاريخ السودان وادي النيل " موضوع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمملكة المقرة وتوابعها شمالا ومملكه علوه وأقطارها جنوبا فيقول عن التنظيم السياسي : " كان على رأس كل دوله من دولتي النوبة ملك’ وكان الملك يلبس تاجاً مرصعاً بالأحجار الكريمة ويعلوه صليب من الذهب ومن شارات الملك أيضا المظلة العربية تُرفع على رأس الملك في المواكب ’ وسرير الملك يُصنع غالباً من خشب الأبنوس . وكان الملك يتمتع بسلطة مطلقه فهو يملك الأرض ومن عليها ’ وكان نظام الوراثة السائد هو نظام الامومه ’ فيرث ابن البنت أو ابن الأخت . وإلى جوار الملك موظفون يرأسهم نائب الملك وإلى جانبه حامل الرسائل وحامل التاج وكبير الحراس وأمين الأختام . وكانت مملكه النوبة ألشماليه مقسمه إلى 13 قسما إداريا . على كل منها رئيس سلطته فيه مطلقه ’ واتخذ كل رئيس شارة عبارة عن طاقية ذات قرنين وسوار ذهبي. والتنظيم السياسي لمملكه علوه – لم يكن يختلف في تفصيله عما في مملكه النوبة ألشماليه وإن كان ملك علوه يمتاز بجاه ونفوذ اكبر وجيشه أكثر عددا ’ ولعل ذلك يرجع لاتساع مملكته . . . الخ ". وعن النواحي الاجتماعية يقول الجمل ما يلي : " كان المجتمع النوبي في العصر المسيحي يتألف من طبقتين : (1) الطبقة الحاكمة : الاسره المالكة وحكام الأقاليم والموظفين . (2) طبقه أفراد الشعب . وكانت الطبقة الأولى تتمتع بكافه الحقوق والامتيازات بينما الطبقة الثانية تقوم بالأعباء والواجبات – وكان الرق منتشراً ويعتبر وسيله من وسائل التبادل التجاري . وإلى جانب الملك وربما يتمتع بسلطة اكبر منه أسقف المملكة أو مطرانها وكان يعينه بطريرك الاسكندريه ’ وهو من جانبه يُعين أصحاب المناصب الدينية الصغرى – وكان من عادة البطريرك أن يكتب للمطران مستفسراً عن أحوال الشعب بالنوبة ’ وقد ينبهه إلى بعض ما كان يشكو منه الشعب ’ وقد كان بعض الملوك وحكام الأقاليم يمارسون وظائف كهنوتية إلى جانب وظائفهم الاداريه " وللتدليل على أهميه الكنيسة المصرية لملوك النوبة يذكر الدكتور الجمل الواقعتين التاليتين : " يذكر بعض المصادر انه حدث في عام 737 ميلادية انه زجّت السلطات الحاكمة في مصر بالبطريرك ميخائيل ’ البطريرك الواحد والأربعين لكنيسة الاسكندريه في السجن ’ فلما وصل خبر ذلك إلى ملك النوبة كريا كوس زحف على مصر بقوه من 100,000 خيال ’ 100,000 من راكبي الجمال فأضطر والي مصر إلى فك أسر البطريرك وطلب منه أن يتوسط لدى الملك النوبي ليسحب قواته من مصر . ويذكر أن الأنبا يوساب بطريرك الاسكندريه توسط في الخلاف بين ملك النوبة زكريا بن يحنس وبين الخليفة المأمون لرفض الملك النوبي دفع البقط المتفق عليه والذي تأخر دفعه لمدة أربعه عشر عاماً ’ وقد استجاب الملك لهذه الوساطة وأرسل ابنه جورج لبغداد لحل هذا الخلاف " وربما عن نفس الواقعة الاخيره يقول المقريزي في كتاب المواعظ والاعتبار ما يلي : " ولم يزل النوبة يؤدون البقط في كل سنه ويدفع إليهم ما تقدم ذكره إلى أيام أمير المؤمنين المعتصم بالله أبن أسحق بن الرشيد وكبير النوبة يومئذ زكريا بن يحنس . وكان النوبة ربما عجزت عن دفع البقط فشنت ألغاره عليهم ولاة المسلمين القريبون من بلادهم ويمنع من إخراج الجهاز إليهم فأنكر فيرقى ولد كبيرهم زكريا على أبيه بذله الطاعة لغيره واستعجزه فيما يدفع فقال له أبوه فما تشاء قال عصيانهم ومحاربتهم ’ قال أبوه هذا شئ رآه السلف من آبائنا صواباً وأخشى أن يفضي هذا الأمر إليك فتقدم على محاربه المسلمين ’ غير أني أوجهك إلى ملكهم رسولا فأنت ترى حالنا وحالهم ’ فأن رأيت لنا بهم طاقه حاربناهم على خبرة وإلا سألته الإحسان إلينا . فشخص فيرقى إلى بغداد وكانت البلدان تزين له ويسير على المدن وإنحدر بانحداره رئيس البجة بأسبابه ولقيا المعتصم ’ فنظرا إلى ما بهرهما من حال العراق في كثرة من الجيوش وعظم العمارة مع ما شاهداه في طريقهما فقرب المعتصم فيرقى وأدناه وأحسن إليه إحسانا تاماً وقبل هديته وكافأه بأضعافها وقال له تمن ما شئت ’ فسأله في إطلاق المحبوسين فأجابه إلى ذلك’ وكبر في عين المعتصم وهب له الدار التي نزلها بالعراق وأمر أن يشتري له في كل منزل من طريقه دار تكون لرسلهم ’ فانه أمتنع من دخول دار لأحد في طريقه فأخذ له بمصر داراً بالجيزة وأخرى ببني وائل واجري لهم في ديوان مصر سبعمائة دينار وفرسا وسرجا ولجاما وسيفا محلي وثوبا مثقلا وعمامة من الخز وقميص شرب ورداء شرب وثيابا لرسله غير محدودة عند وصول البقط إلى مصر ولهم حملان وخلع على المتولي لقبض البقط وعليهم رسوم معلومة لقابض البقط . " (المقريزي .ص 201 ) من الواضح إن رواية المقريزي لما حد ث لا يتطابق من الواضح إن رواية المقريزي لما حد ث لا يتطابق مع ما جاء في كتاب الدكتور الجمل . إذ أن المقريزي يذكر الخليفة المعتصم وليس المأمون . ثم أن المقريزي لا يذكر وساطة بين الملكين قام ها بطريك الاسكندرية. فيبدو ان قرار الذهاب لبغداد كان قرارا اتخذه الملك بنفسه. ولعل مرمى الدكتور الجمل الذي لم يذكر مصدر روايته، كان تأكيد تبعية النوبة والسودان لمصر من ناحية الدين إن لم يكن من زاوية الحكم. وهذا منحى شائع بين المؤرخين المصريين بالذات.وقد كان الأجدى ان ينظر الى الواقعتين على إنهما تعكسان إنجابية التفاعل ما بين الكنيسة القبطية وملوك النوبة بحيث ان العالقة كانت علاقة أخذ وعطاء متكافئين بين أكفاء.
أما إقتصاد الممالك النوبية فقد كان متنوعا ...
نرجع شوية لحقبة الكنوز في النوبة لان انا بديت موضوع ولم يكتمل وبعدين نكمل تاريخ الاسرة في دنقلا العجوز وبعدها اسرة الملوك في حقبة الفونج والى التاريخ الحديث ...
نحن ملوك واسرتي يطلق عليها اسرة الملك منذ تاريخ بعيد اما المكوك فهي خلعة من دولة الفونج كانت في المناطق الواقعة مباشرة تحت رحمتهم مثل الجعلين والمكوك غير معروفة نوبيا... واما الملوك فهم معروفين..
اما الاستفسار الاول عن االملك طمبل جدي فهو اسم نوبي وادريس جدنا الكبير ايضا اسم نوبي اما التحولات في الاسماء الزبير ومحمد فحدثت في العهد الكنزي، كما يذكر عطية القوصي في كتابة (تاريخ دولة الكنوز الاسلامية) ما قاله المورخ الانجليزي ماكمايكل عن فروع الكنوز وما تعلم ان هناك تزاوج من املوك النوبة والكنوز عن فروع الكنز في السودان مستندا الى معلومات جمعها من كتاب للنسابة الشيخ الصادق عيسى أحد زعماء الكنوز في امدرمان سنة 1914م والفروع كما يلي:
(أ) قبيلة أولاد السيد ونس بن رحمة بن الحسن وكان للامير محمد بن ونس ستة اولاد هم كالآتي:-
1- إدريس الاكبر:- وهو جد الملك طمبل حاكم جزيرة ارقو الذي عرفت اسرته فيما بعد بأسم ملوك دنقلا.
2- حمد الله :- وكان اتباعه قلة. وكانت سكناهم عند كلابشة ويعرفون (بالونساب والحمدلاب).
3- أرخي Arhki:- ويوجد اتباعه في اقليم الجزيرة بالسودانوتسمي قبيلتهم باسم الارخياب.
4- أدهم :- وتوجد سلالتهم عند بلدة الخطارة بالقرب من اسوان وجزيرة اسوان، وتوجد غالبيتهم في السودان . وهناك فرع آخر منهم يعرفون باسم (البللالب) و (المسلماب)
5- عدلان:- توجد سلالته في اسوان وفي السودان وهي تشمل قبائل (العدلاناب) التي تسكن بين قبائل الشايقية.
6- خير الله:- وسلاته هم الخيرلاب ويسكنون عند اسوان ولكن غالبيتهم تسكن السودان.
هولاء هم الستة ابناء ومنهم اسرة الملك طمبل ملك ارقو .... احفاد ادريس ويعرف اسرة الملك ب (إدريس نسنجي) معناه احفاد ادريس ...
أما عن أسماء ملوك النوبة منذ القدم والى عهد المصاهرة مع الكنوز فإن القوصي يعددها كما يلي:-
رقم مسلسل اسم الملك____________ سنوات حكمه
1- سيلكو --------------------------- 536 ميلادية
2- أربانيوم------------------------- من سنة 559-574
3- قيلدروث ------------------------ =651 - 652
4- زكريا --------------------------- =654 - 655
5- مرقوريوس---------------------- =697 - 710
6- زكريا------------------------------------------------
7- سيمون -----------------------------------------------
8- أبرام --------------------------- = 744 - 768
9- ماركو -----------------------------------------------
10- كارياكوس -------------------------------------------
11- ميكائل -----------------------------------------------
12- جيوفاني (يوحنا) ------------------- نهاية القرن الثامن الميلادي
13- زكريا بن إسرائيل بن يوحنا --------- سنة 822
14- جورج بن زكريا ------------------------------------
15- زكريا بن جورج -------------------- من سنة 872 - 892
16- كبرى بن سرور --------------------سنة 943
17- جورجيوس الثاني ------------------ من سنة 979 - 1002
18- روفائيل --------------------------- من سنة 1005 - 1006
19- سالمون ---------------------------- سنة 1080
20- باسيليوس ------------------------- سنة 1089
21- جورج الثالث ---------------------- من سنة 1130 - 1158
22- داود الاول ------------------------ من سنة 1242 - 1273
23- داود الثاني بن داود الاول --------- من سنة 1274 - 1277
24- شكندذه ------------------------ من سنة 1275 - 1276
25- مسكديت ----------------------- من سنة 1275 - 1276
26- برك -------------------------- من سنة 1289 - 1290
27- سيمامون ---------------------- سنة 1286
29- عودة سيمامون للمرة الثانية --- سنة 1290
30- عودة داود الثانية -------------- سنة 1290
31- آني -----------------------------------
32- بوديما -------------------------------
33- آماي -----------------------من سنة 1304 - 1305
34- كرنبس ---------------------سنة 1312------------
35- عبدالله بن سمبو(برشمبو)---- 1316
36- كنز الدولة ------------------سنة 1317
37- أبرام (خال كنز الدولة) حكم ثلاث ايام فقط.
38- عودة كرنبس ------------- سنة 1323
39 - عودة كنز الدولة الثانية 1323
ونهاية دولة ملوك النوبة المسيحية على يد بني الكنز التى تبتدئ منها ادريس نسنجي .. أحفاد ادريس جد الملك طمبل.
سرة ملوك ارقو في تاريخ السودان ....(القديم والحديث)
لا ندري الكثير عن الروابط الأسرية لملوك كوش ونباتا. ولكن بحسب المعلومات المتوفرة عن الملوك واسرهم منذ بداية العهد المسيحي نتأكد ان حكام المقرة كانوا ينتمون لأسرة واحدة وكانت عاصمتهم دنقلا العجوز ول نستبعد ان تكون نفس الأسرة قد استمرت في الحكم منذ ان توحدت المنطقة على يد أباطرة نباتا. ومما يؤكد صدق هذا الاعتقاد كون أسرة واحدة قد حكمت بلاد النوبة السفلى طيلة العهد المسيحي وواصلت حكمها في أجزاء من المنطقة حتى أواسط القرن الحالي بعد امتزاجها بعناصر عربية نوبية ممثلة بالكنوز. ولا ذكر لأي أسرة نوبية أخرى في المدونات التاريخية خلال الخمس قرون الماضية غير أسرة الزبير أو أسرة الملك كما تعرف حاليا.
وهناك في الواقع أكثر من سبب واحد - يجعلنا نتمسك بفكرة ان أسرة الملك الحالية في ارقو هي سليلة الأسر النوبية القديمة التى حكمت البلاد في أعالي مصر إلى الحد الجنوبي لمملكة المقرة. ولعل من اقوي الأسباب ما يلي:-
- تواتر أخبار أسرة الملك في المدونات التاريخية بصورة لا تجاريها فيها أسرة أخرى بالمنطقة.
- كون شهرة الأسرة لم تبني على أساس ديني على الإطلاق. ولكن على أساس سياسة وحكم . وهي ليست طائفية.
- كون أسرة الملك مازالت تحتفظ بنكهة نوبية جامعة لكل العناصر النوبية وفي نفس الوقت حاوية لملامح تراثية عربية أصلية وأجنبية. وهي ليست قبلية أو قبائلية.
- كون لاسرة الملك نمط حياة وتفاعل اجتماعي مميز عن حياة أنماط الأسر الأخرى. فهي تجمع بين اساليب حياة متباينة فيها النوبية والمصرية والعربية والتركية (كشاف - مجراب - سلوي - اكراد) ولابد ان يكون هذا التنويع ناجما عن عراقة متمكنة من خلاصات حقب طويلة من الاحتكاك والتفاعل مع تيارات حضارية مختلفة.
- والمهم هو نظرة العوام لأسرة الملك بأنها محلية ونوبية بحته منذ أقدم العصور.
لكل هذه الأسباب وغيرها التي سوف نفصلها فيما بعد نعتقد أن الأسرة النوبية الحاكمة باقية الى تاريخ اليوم رغم تقلص نفوذها المادي والسلطوي. أن أقوى أسباب استمراريتها هو أن النوبيين منذ البداية قد رفضوا الإذعان للسيطرة الأجنبية ما لم يظهر الأجانب احتراما للتراث النوبي من خلال مصاهرة حكامهم الحقيقيين.
وهكذا فعل الرومان والهكسوس والمماليك والعرب. وبقي التراث النوبي بفضل ذلك حيا في عموم ثقافته حتى الآن، متفاعلا مع كل ما يستجد في محيطه ومستوعبا له دون منازعة أو تنازع. وظل أسلوب المصاهرة الذي ينم عن مرونة حضارية وذكاء ثقافي هو بمثابة أنجع السبل لكسر شوكة الغزاة وابتلاعها كسماد يساعد في نمو وازدهار مهارات أسرة الملك في فنيات البقاء. ولو سلكت الأسرة مسلكا غير المصاهرة لما بقيت حتى الآن سيما وان الغزاة كانوا دائما أقوى من حيث العتاد ومؤن القتال. ولو أعتمد الغزاة على أسلوب العنف وحده وعالوا على تفوق سلاحهم لما حققوا مراميهم، سيما وان ظروف الحياة في المنطقة وتمسك النوبيون بتقاليدهم ، كانت كافية لدحر الأجانب مهما بلغت إمكاناتهم القتالية من تفوق. وكم من مرة عزا فيها الغزاة وفر ملك النوبة ليعود ويستعيد مجده بعد انسحاب الغزاة. وعليه لم يكن ثمة حل مريح للجانبين غير المصاهرة التى طالما ضمنت بقاء الحضارة النوبية حية في لغتها وتقاليدها.
متى واين بدأت مسيرة أسرة ملوك ارقو
لربما كانت البداية الرسمية أو النظامية في عهد نباتا وفي أي من المواقع التاريخية المهمة بين الشلالين الثالث والرابع. إذ لم تخرج دار الحكم عن هذا النطاق لبضعة عشرات من القرون. والاستثناء بالطبع هي مملكة علوة النوبية التى ارتبطت بشرق وغرب وجنوب السودان الحالي أكثر من ارتباطها بالشمال. ونؤكد ان اسرة الملك استقرت في وقت ما بدنقلا العجوز الذي أصبح عاصمة النوبادين والمقرة مجتمعين.
ثم انتقلت الى موقعها الحالي بجزيرة ارقو على مقربة من دنقلا الجديد الذي أقام فيه عسكر المماليك لحماية اسرة الملك من تعديات النبويين المستعربين من ناحية الجنوب أمثال الشايقية.
وجدير بالذكر ان جزيرة ارقو هي من أخصب المناطق النوبية طرا.
وطبيعي ان تختار أسرة الملك هذه المنطقة سكنا لها، لا لخصوبتها فحسب بل ولاستراتيجيتة موقعها في الوسط بين شمال النوبة وجنوبها.سب الاسرة بعد اختلاطها الدم الكنزي
محمد بك ود حمد الملك ملك ارقو من الحاكماب (في كرمة وبدين ودنقلا وارقو )وهو محمد بك الملك حمد بن الملك محمد بن الملك حمد بن الملك عبد الدائم ابن الملك الزبير بن الملك حاج محمد بن طمبل ابن إدريس بن شرشر بن حاكم بن رحمة بن عثمان بن حاكم بن سلطان بن جميل بن حاكم بن سلمي بن سعد الفريد بن الأمير مسمار بن الأمير سرار بن حسن كردم الفوار .
ويلتقي نسب الشيخ صغيرون الحاكمابي في شجرة الأنساب الزبير (الكبير )حمد الملك عند ادريس بن شرشر كما يلي الشيخ الزبير بن الشيخ صغيرون سرحان بن حج محمد بن إدريس بن شرشر الخ ...(لاحقا سوف ننزل شجرة الاسرة كاملة)
كان حمد الملك( الكبير) ملكا والد الملك طلب سنة 1845 الى سنة 1908 قد عينه الأتراك كاشفا على ارقو في الفترة 1871 إلى 1873م أيام حسين باشا خليفة . وبعدها في المهدية وعينة الخليفة عبد الله أميرا عند الفتح سنة 1896م وعين عمدة على ارقو وخلفه ابنه محمد ثم حفيده حمد 1869 الى 1934 الذي أصبح عمده على ارقو وكان قبلها يحكم مع أبية محمد حمد الملك الجزيرة أيام التركية وقد نكبتهم المهدية(حمد الأخير) فالقي القبض على حمد وسجن بامدرمان عام 1896م ولم يفرج عنه الا بعد الفتح الانجليزي 1898(كتشنر) ولما اعتزل والده العمودية 1904 عين حمد على جنوب ارقو وكان ذا دراية واسعة الاطلاع وفي سنة 1934 عين الشيخ الزبير (الصغير) حمد الملك رئيسا للإدارة الأهلية بدنقلا.
البكويه تعطى لمن له انجاز ...وأعطي لمحمد بك الملك في قصه تروى عن ابائنا انه قد أعطي البكوية على انجازاته في حفر ترعة الترعة وتطهير خور ارقو وفتح المصارف وتطهير الترع ومساهماته في حفر حوض السليم ... ولذا كان جديرا بمنصب البكوية ولم يجد منافسا له على ضوء انجازاته.
وهو حفيد الحاج عبد الصادق (الادروكي) من الكشاف ...وقد نزح الحاج عبد الصادق من ارض المحس واستقر بجوار حمد الملك بقرية ارقونكونج في الحاج مار والقرية سميت باسمه ومازال أحفاده موجودين ... وتزوج الملك حمد الكبير بنت الشيخ عبد الصادق نفرين بنت عبد الصادق وهي والد محمد بك الملك كما تزوج ست البنات عبد الصادق الشيخ تور بلول الكبير وهي والدة الشيخ عبد الحميد تور بلول (جد البشرى عبدالحميد) ... وتزوج بنته أبدالن توني. وأيضا تزوج منه النوريي (منهم عبد الحليم النور) وتزوج (الاندنتود= حسين ايندتود والد المحامي الفاتح حسين) وهم أولاد خالات الملك محمد بيك . ووايضا الأورونجي ... واحفاد ابراهيم عاشة (هاشم ضرار) ......
تور الشرق :- هو جدى من ناحية والدة الوالد محمد ابراهيم تور الشرق ولد في ارقو عام 1786م وحفظ القران على الشيخ جنيدى الشايقي بمروي واخذ القادرية على الفقيه ود عيسى سوار الذهب والختمية من السيد محمد عثمان الميرغني وأسس مسجده بقرية حامد نارتي (كلى) وكان مجاب الدعوة توفي سنة 1226 ه_ 1879 م وهو حاكمابي من فروع ملوك ارقو أولاده محمد على وعلى ومحمد إبراهيم وفاطمة وأم كلثوم فاطمة الصغرى.و,معروف أنه نزح من منطقة السكوت.
الأسرة في أرقو خلال عهود الفونج والأتراك
تسمى أرقو جزيرة بعض الأحيان لأن المنطقة تحاط من موسم الفيضان أو "الدميرة" كما يعرفه أهل البلد ’ بخور البرقيق . وفيما عدا ذاك الموسم فأن المنطقة تصبح أرضاً سهله ومنفتحة تكتظ بالخضرة وبالرمال وتمتد على بعد حوالي أربعين ميلاً من "الكنج" أي الوجه باللغة الدنقولاوية إلى "ساب" أو النهاية بنفس اللغة . وبما إننا لم ندرس أهميه أطراف الجسم الحيوي بالنسبة للنوبيين فمن الصعوبة معرفه السبب في أن يكون وجه ارقو قبالة الجنوب ونهاية أطرافها تجاه الشمال . وكل ما نعرفه هو أن هذه الأرض كانت في يوم من الأيام مرتعاً لملوك نباتاً ومن بعدهم الإغريق والفرس والرومان والإثيوبيين النوبيين والعرب والمماليك والأتراك. فكلهم خبروا هذه الأرض بخيراتها وجزرها الرخين . ولا غرابة أن أختارها ملوك النوبة كمقر لهم بعيداً عن نفوذ الهمج ورعاع المصريين وقريباً من مهد الحضارة كرمه. يقول نعوم شقير أن مملكه أرقو "قامت في جزيرة أرقو على أنقاض مملكه قديمه من زمن فحكم فيها عائلة عُرفت بعائله الزبير لا تزال ذريتها باقية إلى الآن وأكبرهم في هذا العهد الملك طنبل والملك محمد ود الملك اللذان اشتهرا في الثورة المهدية . ومملكه أرقو هي أقصى الممالك التي خضعت للفونج من جهة الشمال أما البلاد بينها وبين الشلال الأول فقد تولاها الكشاف الأتراك على ما سيجئ" وفي مكان آخر من كتابه يقول " جزيرة أرقو كانت قبل الفتح المصري مركز مملكه من أشهر مماليك دنقلا " . ولم يشهد شقير من الآثار التاريخية في المنطقة غير القباب السناريه ’ وعددها حوالي ستين . كل الملاحظات أعلاه خطأ ما عدا تولي موظفو الأتراك إدارة الأماكن المتاخمة لمصر. فالمنطقة كانت دائماً جزء من المملكة النوبية ولم تكن دولة قائمة بذاتها . وأن أسرة الزبير اتخذتها مركزاً للحكم بعد خراب دنقلا العجوز . أما عن شهرة الملكين طمبل ومحمد أثناء الثورة المهدية فقد كان تشهيراً وليس شهرة كما سنوضح لاحقاً . وعن خضوع الأسرة والمملكة للفونج فأنه لم يكن خضوعاً بل كان عبارة عن مهادنة وقتية معه وتحفظ عاقل تعلمته الأسرة من خلال تمرسها الطويل والفعال في سياسة حفظ الذات في وجه أنظمة الحكم المخالفة لعبقرية الحكم النوبي منذ أقدم العصور . وعن الآثار المميزة للمطقة فهي ليست محصورة في قباب أولى البركات من إفرازات السلطنة الزرقاء في العهود المظلمة ’ فهناك قلاع وقصور تابعة للأسرة وهياكل أثرية تمثل أرقى وجوه فن النحت النوبي . وأهمها التمثالين الذين يزينان واجهة متحف الخرطوم ’ وقد نقلا إليه من قرية تبو في أرقو خلال السبعينات من هذا القرن . فمن الواضح أن المؤرخ لم يزر المنطقة ويدرسها عن كثب.
الأسرة ودولة الفونج
لا احد يدري ما كانت ستؤول إليه أوضاع الممالك النوبية في السودان لولا قيام السلطنة الزرقاء بطابعها الإسلامي الإفريقي وروحانيتها التي طغت على طموحات حكام نوبيا الأصليين الرامية لأقصى الانفتاح للتجارب الإنسانية الحضارية كيفما أتت – وهضم تلك التجارب بعقل طليق ومرن من اجل خلق مسارات جديدة للنهضة وخيارات جديدة في الحكم . وفي رأينا كما هو واضح مسبقاً ’ أن أوضاع البلاد كانت ستكون أفضل مما كانت أيام الفونج وفي الوقت الحاضر حيث لم تزل عقلية الفونج تسود . وهي عقلية أفريقية مثل كانت العقلية النوبية في الأصل . ولكنها تتميز عن النوبية بأنها مغلقة وروحانية صرفه وزرقاء فعلاً بحكم أنها غير آيلة لاستشفاف المؤشرات الحضارية الكونية ’ لان مفهومها عن التقدم لا يأخذ بالاعتبار أبعاد الزمان والمكان ولا يعترف بجاذبية الأرض بل يعني الانطلاق الرأسي إلى السماء. وكم أنتجت هذه العقلية عباقرة وصناع معجزات تحدث عنهم بإعجاب الشيخ ود ضيف الله في أول كتاب من السودان وفريد عصره من حيث انه لا يذكر شيئاً عن إنجازات المبدعين الحضاريين من الإغريق والمسلمين. ولكن يقتصر على ما كان في مقدور عقلية الفونج تقديمه كإسهام منها لتقدم الإنسان حضارياً . فكأن التقدم قد عنى عندها التقادم ونحمده تعالى أن لم يذكر إسم أحد من أسرة الملك كعضو من الزمرة أو صاحب كرامة أو قبة . علماً بان لملوك أرقو أصهاراً من الإشراف كالا دارسه ومن الأولياء الصالحين مثل "تور الشرق ود إ إبراهيم " . ولعل مثل هؤلاء كانوا شفاعة ملوك أرقو عند حكام الفونج . قبعت أسرة الملك بأرقو ثلاثة قرون تحت ركام الشعوذة . وفي تقوقعها لم تنسى دينها ولا دنياها. فقد انشغلت في محيطها المضيق بهموم الإنتاج الزراعي وشق الترع وإقامة السواقي وجمع الإتاوات من رعاياها المخلصين لصالح حكام الفونج في شخص ممثلهم بالمنطقة . ويحدثنا الرحالة السويسري بيركهارت الذي سنتحدث عنه لاحقاً بأنه كانت في منطقه دنقلا عندما قام بزيارتها في مطلع القرن التاسع عشرة أسرتين حاكمتين :نقف شويه هنا مع مداخلة محمد على طه الملك في نفس السياق... منقول من المنتدى النوبي العالمي
ي الحقيقة لفت نظري لهذا البوست الأخ حسن الملك وحثني علي المشاركة بما لدي من معلومات صبرت وثابرت علي جمعها وتوثيقها لعشرين عاما خلت , اتحيت لي خلالها فرص نادره للجلوس الي كبارنا - رحمهم الله - ومقارنة وتقيم معلوماتهم الشفهية التي نقلت إليهم صاغرعن كابر فحفظوها بين صدورهم دون أن يبذلونها ولا يذكروها الا في المناسبات التي تستدعي ذكرها , لم اكتفي بها بل ضاهيتها وقارنتها مع ما وثقته كتب التأريخ وسطره الرحالة في مذكراتهم التي إعتمدها المؤرخون .
بحمد الله وتوفيقه اكتمل العمل الآن وسوف يري النور قريبا تحت مسمى ( مشيخة الحاكماب والجوابرة – مملكة ارقو ).
أمل الا تفهم هذه المقدمة كنوع من الدعاية للمطبوعة فيطالبني اصحاب الموقع بالمعلوم..
وقبل أن استرسل استسمحكم لتوجيه الشكر للأخ ابو القاسم الذي كان له الفضل في تذكير الأخ حسن بشخصي الضعيف .
بصراحة إستوقفتني عبارات الأخ جاما التالية:
( هناك فترة غائبة حوالي 175 عاما
وهي فترة طويلة اي منذ تولي كنز الدولة حتي قيام دولة الفونج عام 1505م)
وحتى لا أقمط الرجل حقه أقول بأن مداخلته تلك هي التي اوحت لي بالعنوان أعلاه ليكون مدخلي في الحديث لا عن تاريخ واصول أسرة الملك فحسب بل عن تأريخ تلك الفترة المهملة ربما عن عمد.
وأقول عن عمد لان تاريخنا النوبي في عصوره الأولي كان متاحا امام الدارسين في المراحل المختلفة , وربما لاحظتم مثلي أن مناهج التعليم كانت تشير بكل فخر ( للعصر النبتي ) ثم تأتي الي العصر المروي وتمر عليه في عجالة بحجة أن اللغة المروية لم يفك طلسمها بعد , وبنفس القدر لف الإهمال والتجاهل تأريخ بداية نهضة النوبيين الحضارية ,المتمثلة في مدرسة الحضارة الأم ( حضارة كرمة ) وماسبقها من تكوينات العصور الحجرية , الي أن قيض الله لنا مؤخرا العالم السويسري ( شارلس بوني ) الذي تمكن من إزاحة التراب عن ذلك الفصل الهام والحلقة الأهم في تسلسل تاريخنا النوبي كل ذلك ولم يسأل أحد او ينتبه لما يمكن تصنيفة ضمن مؤمرات دفن تأريخ الشعوب وتغيبهم ثم فصلهم عن ماضيهم التليد.
إن ما يحدث الآن في الأرض النوبية سلسلة من حلقات متصلة من المؤمرات حيكت ضد وحدة الشعب النوبي وتماسكة من القدم , إذ عمل الغزاة منذ فجر التاريخ نحو تمييع وإزابة التأريخ النوبي ليبدو سلسلة غير مترابطة وجزر معزولة بعضها عن بعض , فيسهل تدجين النوبيين وتفرقتهم وعزلهم عن تاريخهم .
وللتدليل علي ذلك أبدأ بظاهرة تعظيم المؤرخين للعصر الكوشي المتمثل في الفترة النبتية بوجه خاص , إذ من المعلوم أن الفترة النبتية كانت إمتدادا طبيعيا لصيغ الحكم الفرعوني وديانته وثقافته التصويرية وفق ما أرسته سياسة تمصير الشعب النوبي الذي اتبعها فراعيين مصر إبان فترة استعمارهم لبلاد النوبة , بعكس العصر المروي الذي إجترحت فية الدولة المروية ثقافة خاصة بها وديانة خاصة بها ولغة مكتوبة لها ابجديتها الخاصة , ومثلما ظل الإبهام يغطي مراحل التأريخ المروي بحجة عدم فك طلاسم اللغة المروية , ظل الحال كذلك بشأن تأريخ مملكة كرمة حتي وقت قريب , ومازال الغموض يكتنف الكثير من التاريخ النوبي في المرحلة الوسيطة – أي المرحلة التي تلت إعتناق ملوك المقره للإسلام وهي الفترة التي خضعت خلالها مصر لحكم المماليك الأيوبيين .
مرد هذا الغموض او تعمد إهمال تاريخ هذه الفترة يعود وفق رؤيتي لعوامل عدة أهمها في تقديري
سياسة العزل والحجب والمنع المتعمد الذي مارسه المماليك بقوة ضد بلاد النوبة لقطع إتصالها بشعوب وثقافات العالم الخارجي، حيث كانت بلاد النوبة والبجا لا يدينان بالإسلام , وكانت علاقات
الكنيسة النوبية في دنقلا بكنائس مصر وكنائس اليعاقبة في روما قوية ومتصلة , فتعمد المماليك قطع تلك الصلة بحكم سيطرتهم علي مصر طريق الإتصال الأسرع والأفضل إن لم يكن الأوحد للنوبين , ولعل هذا المنع كان الدافع وراء محاولات النوبيين المتكرره في الهجوم علي الأمصار المتاخمة لهم في مصر وزعزة أمنها , الأمر الذي كان يقض مضاجع حكام المماليك فيجردون الحملات العسكرية التأديبية نحو بلاد المقرة من وقت لآخر الي أن سقطت هيبة المملكة وزال رسمها بسبب تدخل المماليك في شؤونها الداخلية وعزلهم لملوكها بالقوة وتعيين أخرين بالقوة
فتثور الجماهير النوبية عليهم وتعزلهم او تقتلهم بعد إنسحاب الجيش المملوكي وعودته .
مضى الحال علي هذا النحو الي أن بدأت قبائل جعد وربيعة وجهينة زحفها نحو بلاد المقرة هروبا من الضغط الذي مارسه المماليك تجاههم , فوجدوا مملكة المقرة علي حال من الضعف والتنازع حول العرش فبدؤا مناوشتها ودارت بين الأطراف حروب عديدة إنتهت لصالح قبيلة جهينة كما يقول ابن خلدون , وكان وقتها بنوالكنز علي عرش دنقلا , حيث عمل المماليك علي تنصيب ملك علي دنقلا بعد هزيمتهم وعزلهم لملكها داؤد ، غير أن كنز الدولة شجاع بن فخر الدين الذي كان يتزعم قبيلة ربيعة , لم يرضيه تنصيب أخر غيره ملكا علي دنقلا, بإعتباره الوريث الشرعي للعرش بعد ملكها داؤد , ذلك بحكم أنه إبن أخت الملك وصاحب الحق الشرعي وفق تقاليد النوبة, فنازع الملك الذي نصبه المماليك وتمكن من قتله وتنصيب نفسه , ولما لم يرضي ذلك السلطان المملوكي اطلق سراح الملك النوبي المأسور لديه الملك داؤد , وسمح له بالعودة لوطنه , فتنازل كنز الدولة عن الملك لخاله عند عودته , ثم عاد ملكا بعد وفاته , واستمر الملك من بعده وراثيا بين أبناء كنز الدولة ، وتوقف العمل بالتقاليد النوبية التي كانت تقضي بحق إبن أخت الملك في العرش دون إبنه كما تشير كافة المصادر التأريخية .
قبل أن أغادر تلزم الإشارة الي أن ظاهرة عزل النوبيين وتفريقهم وتجهيلهم, سياسة سابقة سنها المماليك ومضي علي نهجها لاحقا حكام مصر بعد أن تمكنوا من إستقطاع أجزاء واسعة من بلاد النوبة السفلى وضمها لمصر , فالثابت من خرائط المؤرخين القدامى أن بلاد النوبة كانت تمتد حدودها الشمالية الي ما بعد أسيوط , وكان يجلس علي حكم الجزء الشمالي المعروف تأريخيا ببلاد النوبة السفلى نائب الملك وهو من الأسرة الملكية بدنقلا , وكانت جزيرة الفيله مركزا ومقرا لحكمه ، وظل الحال كذلك حتي بعد إنتقال حكم هذا الجزء لبني الكنز عن طريق وراثة إبن الأخت, الي أن أجلاهم المماليك وضموها للأرض المصرية .
كثيرون يعتقدون أن مصر التي فتحها عمربن العاص هي مصر بحدودها الحالية , والحقيقة الغائبة عن أذهان الكثيرين أن مصر التي فتحها المسلمون كانت تلك التي يحكمها المقوقس الرومي , حدودها من الأسكندرية شمالا الي المنطقة العليا جنوبي الدلتا التي أقام عليها الفاطميون في تاريخ لاحق مدينة القاهرة.
وفي العصر الفاطمي توسعت الحدود جنوبا علي إثر شراء تجارالمسلمين العرب لأراضي النوبه ,
وقد اوردت كتب التاريخ محاولات ملك النوبة إبطال تلك التصرفات والدفع ببطلانها بحجة أنه المالك للأرض ،وأن رعاياه لا يملكون حق التصرف فيما يحوزونه , غير أن دفوعه لم تجد التأييد من قبل حكام المسلمين ,ومن ثم بدأت تتقلص حدود بلاد النوبة السفلي .
في اواخر العهد الفاطمي تمكن المماليك من فرض سيطرتهم علي كل بلاد النوبة السفلي , وذلك بعد أن نازعهم النوبيون وعارضوا تولي السلطان صلاح الدين امر وزارة الخليفة الفاطمي , حيث كانت الوزارة وكافة شؤون الدولة الحربية قبل وصول صلاح الدين وقوته من المماليك بيد المسلمين النوبة , فثارت ثائرتهم وقادوا ثورة كادت أن تطيح بالخليفة الفاطمي لولا تدخل قوات صلاح الدين وهزيمتة للثوار وقتل وزيرهم (شاور), عرفت تلك الأحدث بين المؤرخين ( بثورة السودان ).
منذ ذلك الزمان البعيد عملت الحكومات المصرية علي عزل النوبين من سكان النوبة السفلي عن إخوتهم في النوبة العليا , ومورست سياسات فصل تعسفية ضدهم علي مر الحقب , وعندما وضعت الحدود بين السودان ومصر ظلت بلاد النوبة السفلي تابعة للأرض المصرية , ولما خضع السودان نفسة لحكم محمد علي باشا , عمل علي تكريس سياسة الفصل بين النوبيين وحرمان بلادهم في الشقين السوداني والمصري من كافة وسائل التنمية والتطويير , وفرض قيود قاسية علي حركة التواصل بينهم , فضلا عن إبقاء مناطقهم تعاني من شح المواصلات ,والإفقار المتعمد بتقيد حدوث أي توسع في التنمية الزراعية يوازي الزيادة السكانية ، وذلك بتقييد تصاديق المشاريع الكبري والمتوسطة وكافة مشاريع الري الآلي كيفما كانت صغيرة بضرورة الحصول علي تصديق سحب مياه النيل ، وهو قانون وضع لإفقار الناس علي شريط النيل ليهجروه ، وكانت هذه واحدة من أسباب هجرة النوبيين منذ زمن بعيد ، لعجزهم في توسيع رقعهم الزراعية ومن ثم إستعاب زيادتهم السكانية .
استمرت هذه السياسة في عهد الحكم الثنائي ( المصري الإنجليزي ) , حيث حكى لي جدي الزبير حمد الملك رحمه الله في معرض سؤالي له عن سبب حرمان منطقة دنقلا من خدمات السكك الحديدية , حيث قال لي حسب ما علم أن اللورد كتشنر كان يرغب في مد خط حديدي يربط مصر بالسودان ويمر الخط محازيا للنيل حتي قبالة دنقلا ثم يعبر الصحراء نحو كريمة , وبدأ بالفعل في ذلك الي أن وصل الخط مدينة كرمة , غير أنه ووجه بإعتراضات حاده وقاطعة من قبل حكام مصر إضطر علي إثرها قبول إقتراحهم أن يبدأ الخط من حلفا ولا يصل أسوان ويعبر الصحراء ولا يلتقي بالنيل الا بعد تجاوز مناطق النوبه عند مدينة ابوحمد , وكانت تلك الرؤية ضمن سياسة تعزيز العزلة بين النوبيين, وحرمانهم من أي وسيلة تيسر إتصالهم ببعض، فضلا عن حرمانهم من تسويق منتجاتهم خارج المنطقة بالسرعة المطلوبة ، فلم يكن أمام النوبيين سوى الاعتمدان علي وسائل النقل النهري ببطئها المعلوم وسعتها المحدودة .
إن ما تم إتباعة بشأن تهجير أهل حلفا في زمان سابق وما يحدث الآن عزز قناعتي بأن ما تعرضت له بلاد المقرة من عزلة وما صاحب التاريخ النوبي من إهمال لم يكن مجرد صدفة , ولعل المحاولات القسرية لتهجير السكان وتجفيف مياه النيل في اجزاء عديده من الأرض النوبية , لم يلجؤا إليها مؤخرا إلا بعد أن كسرت ثورة الإتصالات الحواجز والموانع المفتعلة بين الشعوب , فتواصلت وبدأت تبحث عن هويتها وأصلها وحقوقها المشروعة .
** هل هم من أصل نوبي ؟
ـ نعم.
** هل هم من أصول مستعربة؟
ـ نعم.
مثلهم مثل كافة سكان الشريط النيلي من حدود بلاد النوبة السفلى الي حدود مملكة علوة الجنوبية , دماء نوبية إمتزجت بدماء عربية صاهرت أجدادهم عن رضا .
أوراق مهملة في تاريخ النوبة الوسيط (3)
أشرت لجلوس كنز الدولة نصر بن شجاع بن فخرالدين ملكا علي دنقلا بعد مقتل عبد الله برشمبو عام 1317م ، غير أنه لم يضع تاج الملك علي رأسه رعاية لحق خاله الملك كرنبس الذي إعتقله المماليك وسجنوه بمصر ليفسحوا المجال لتولية عبد الله برشمبو .
ولكن لم يُرضي إستيلاء كنز الدولة لعرش دنقلة السلطان المملوكي الناصر الذي إعتبر الأمر تحد سافر لسلطانه ، وصمم علي إزاحته ‘ مستخدما القوة حينا والحيلة حينا آخر ، فأمر بإطلاق الملك السابق كرنبس خال كنز الدوله وجهزه بجيش وطلب اليه إسترداد ملكه من إبن أخته ، ولما بلغت القوات المملوكية بصحبة الملك كرنبس الي مشارف دنقلة ، إنسحب عنها كنزالدولة ولجأ الي ملك علوة وتقلد كرنبس الملك، وما أن عادت القوات المملوكية الي مصر ، حتي عاد كنزالدولة الي دنقلة واسترد العرش من خاله ، وأخيرا لم يجد السلطان الناصر بدا من الإعتراف بكنزالدولة ملكا علي دنقلة .
لذا إعتبر المؤرخون العام 1323م هو نهاية عصر الملوك المسيحيين وبداية المملكة الإسلامية ، وظل بنو الكنز أصحاب السلطة الفعلية علي جزء كبير من أقاصي الصعيد المصري حتى الفتح العثماني كما أشار محمد جمال الدين سرور في كتابه ( دولة بني قلاوون).
بعد وفاة السلطان الناصر محمد وحتى عهد السلطان المملوكي ( برقوق )،
مرت السلطة في مصر بمرحلة من الضعف والإضطراب بسبب تنازع الأمراء علي السلطة ، واستغل بنوالكنز هذه الفترة في دعم مركزهم واستقلال بلادهم ، ولكن عندما جلس السلطان الأشرف الثاني علي مصر ، وجه إهتمامه لإعادة فرض السيادة علي بلاد المقرة ، وحانت الفرصه عندما تنازع أمراء البيت الحاكم على العرش بعد وفاة كنز الدولة نصر بن شجاع ،ولجأ بعضهم يستنجد بالسلطان المملوكي .
يقول المقريزي في هذا الصدد:
( .. في سنة 767هـ ـ 1365م وصلت الي القاهرة سفارة من بني الكنز ، من إثنين من قواد جيوشهم وهما : ركن الدين كرنبس وياقوت فارس ، بصحبتهما احد التراجمة يدعى ياقوت ، تطلب من السلطان الأشرف شعبان أن يساعدهم في التخلص من بني جعد ـ وهم من عرب عكرمة ( فرع من قيس عيلان ، وهم من الأنصار ينتسبون الي سيد الأوس كما يقول د. القوصي في كتابة ( دولة الكنوز ) نقلا عن المقريزي )، واليهم تنتسب مجموعة بعضهم لا زال يعيش في بلاد المحس ، وبعضهم في احواض ارقو وقراها ، ولا أدرى مدى تطابق هذه المعلومة مع النسبة التي اوردها الأخ ( جاما ) لملوك كوكه في مقدمة هذا البوست ، على الرغم من أن النسبة في كليهما تنتهي الي الأنصار .
عموما كان نفوذ بني جعد قد زاد في الإمارة بسبب المركز الممتاز الذي تحقق لهم بسبب تنازع الأمراء علي العرش ، ولعلهم صاهروهم في نهاية المطاف.
كانت تلك فرصة ليستعيد السلطان المملوكي نفوذه علي بلاد المقرة ، فأرسل حملة بقيادة الأمير ( أكتومر عبد الغني ) وتقدمت لإنقاذ الملك الكنزي من الحصار الذي فرضه عليه بنوجعد , وعند بلوغ مدينة إبريم غدر القائد المملوكي ببني الكنز المرافقين للحملة حانثا بعهد السلطان لهم ، ثم اتجه بعدها لقتال بني جعد ، حيث دارت بينهم معركة عند جزائر ميكائيل ، إنتصر فيها المماليك .
وعادت الحملة ومعها أسرى بني الكنز وبني جعد واودعوهم السجن عند بلوغهم اسوان ، فتولى واليها الأمير حسام الدين المشهور (بالدم الأسود )، قتلهم جميعا بعد تعريضهم للتعذيب عن طريق تسمير أجسادهم فوق الواح خشبية والتشهير بهم ، ثم بعث برؤسهم الي القاهرة لتعلق علي أبوابها.
كانت نتائج هذه الحملة قاسية علي بني الكنز وبني جعد ، فعزموا علي الثأر لقتلاهم ، وساروا في قوة كبيرة في نفس العام الي اسوان ، واشتبكوا مع القوات المملوكية وهزموها ، ثم غاروا علي المدينة وقتلوا واليها حسام الدين وانزلوا بسكانها التخريب والقتل .
بعد ذلك ظلت الغلبة في اسوان لبني الكنز وحلفائهم من العرب حتي سنة 1378م، حيث دب النزاع ثانية بين امراء بني الكنز حول العرش ، فالتقط الأمير المملوكي ( قرط بن عمير ) الفرصة وأغار عليهم وأسر احد عشر زعيما وقتلهم ، ثم بعث برؤسهم الي القاهرة علقت على باب زويلة.
بعد هذا العام عاود الكنوز هجومهم على اسوان لمرات عديدة ، الي أن إستولوا عليها في عهد واليها حسين بن قرط , وظلت تحت نفوذهم حتى العام 1397م، غير أن النزاع تجدد مرة أخري بين امراء بني الكنز ، في عهد السلطان المملوكي الظاهر برقوق ، حيث لجأ اليه الأمير الكنزي الناصر طالبا مساعدته في التخلص من ابن عمه الذي استولى علي السلطة فأجابه السلطان المملوكي وبعث معه حملة بقيادة إبراهيم الشهابي ، ويبدوا أنها نجحت في مهمتها واستطاعت أن تعيد النفوذ المملوكي علي ملوك بني الكنز .
في الأعوام من 1394 الى 1406م حلت بمصر مجاعات واوبئه ، إضطر معها الناس الي الهجرة باعداد كبيرة الي بلاد النوبة ، وكانت حكومة بني الكنز من الضعف بحيث لم تستطع رد تلك الجموع النازحة نحو بلادهم.
كانت قبيلة جهينة الأكثر عددا وعدة بين القبائل المهاجرة ، ونازعهم الكنوز بغية ابعادهم عن منطقة نفوذهم ، غير أنهم لم يفلحوا فآثروا صلحهم ومصاهرتهم ، فاستفادت جهينة من تلك المصاهرات وأصبح لأبنائهم الحق الشرعي في عرش المقرة ، غير أنهم لم يحسنوا سياسة الملك ، ودبت بينهم الفرقة ـ كما قال ابن خلدون ـ فعادوا لحياة البداوة تاركين مظاهر الملك ,فاستعاد بنو الكنز نفوذهم .
في عام 1444م حاول المماليك فرض نفوذهم من جديد ، ويبدو أن محاولاتهم لم يكتب لها النجاح التام ، رغم عودة بعض الحملات تحمل رؤسا من زعماء بني الكنز الي القاهرة ).
بعد تلك الحملات لم تورد المصادر أي إشارة عن علاقة بني الكنز بالمماليك او أي أخبار عن بلاد المقرة بصفة عامة ، حتي عام 1517م ، حيث عادت المصادر للحديث عن بني الكنز بعد فتح العثمانيين لمصر عام 1517م، عندما اراد السلطان سليم الاول أن يفرض نفوذه علي المنطقة جنوب الصعيد وبلاد المقرة ، فبعث في العام 1920 م حملة عسكرية بقيادة حسن قوسي كما أسلفنا.
( نقلا عن كتاب دولة بني الكنز الإسلامية – الدكتور عطية القوصي ).
يتكشف لنا من ذلك أن السلطة في دنقلا ظلت بيد الكنوز حتي الفتح العثماني لمصر ، وتسيير السلطان سليم لحملته بقيادة حسن القوسي ، ذلك علي الرغم من أن الفترة من 1444م الي 1520 مضت بصمت ولم تتطرق لها المصادرالعربية ، ويبدو أن هذه هي الفترة التي إحتدم النزاع فيها بين الكنوز والقبائل العربية المهاجرة ، وانتهت بتفكك وحدة المملكة ، وخضوع المنطقة لمشيخات وممالك صغيرة ، ظلت كائنه حتي بعد سقوط سوبا وقيام دولة الفونج ، وعلي الرغم من أن العديد من المصادر الكلاسيكية ، إستنادا لروايات الرحالة ، إفترضوا خضوع وتبعية مشيخات وممالك المقرة لدولة الفونج ، غير أن ذلك فيما يبدو كما إنتهي إلية ( نكولز ) تصور ضعيف إن لم يكن خاطئا ، ولم يورد أي مصدر سواء كان من مصادر الفونج او العبدلاب ، أن أي منهما قام بغزو او إخضاع أي جزء في بلاد المقرة ، باستثناء مدينة الحلفاية ، التي تقول المصادر أنها كانت خاضعة للجموعية اولاد حميدان ـ وهم من المجموعة الجعلية ـ أجلاهم عنها العبدلاب لاحقا ، واتخذوها عاصمة لهم بدلا عن قري ، كما لم يثبت قيام دولة الفونج بأي إجراء لإنهاء تمتع مشيخات وممالك دنقلا باستقلالها ـ إبتداء من مشيخة الجعلين ثم الرباطاب فالشايقية فالمناصير والبديرية والحاكماب ( ارقو ) . أما المنطقة شمالي ارقو فقد خضعت للنفوذ العثماني كما اسلفت.
غير أن ذلك لا يقدح في القول بأن العلاقات بين ممالك ومشيخات المقرة
ودولة الفونج ظلت هادئة يسودها الإحترام خاصة في العقود الأولي ، ثم توترت في تاريخ لاحق ، ووقعت بينهم حروب ، واستمر التوتر حتي قدوم الجيش الغازي بقيادة الباشا إسماعيل في العام 1821م.
لقد اورد الأخ حسن في هذا البوست أسماء الملوك في العهد المسيحي وكان آخرهم الملك كرنبس كما ذكر اعلاه, واستكمالا للقائمة اورد هنا اسماء ملوك الكنوز الذين جلسوا علي عرش دنقلا الي أن فقدت المملكة وحدتها وتوزعت لدويلات وممالك.
وكان اولهم هو كنز الدولة نصر بن شجاع :
ذكرنا بعالية ظروف توليه الحكم ، تمتعت بلاد المقرة في عهده باستقلال تام ولم يكن يربطها بالدولة الحاكمة في مصر الا رابطة الولاء الروحي كدولة اسلامية.
2ـ كنز الدولة فخر الدين مالك بن نصر.
تولي الإمارة بعد وفاة ابيه في النصف الأول من القرن الثامن الهجري.
3ـ كنز الدولة نجم الدين عمر.
هو ابن أخ الأمير فخر الدين مالك ، تولي الأمارة في الثاني من القرن الثامن الهجري.
4 ـ كنز الدولة غلام الله مطر .
5ـ كنز الدولة نصر الدين .
6ـ كنز الدولة نصر الله.
تولي في النصف الأول من القرن التاسع الهجري ، وإليه تنتسب قبيلة النصرلاب الكنزية حسب ما جاء في كتاب ماكمايكل .
لم تورد المصادر غير هذه الأسماء في سلسلة ملوك دنقلا الكنوز .
كما أسلفت إنتقل الحكم منهم للجهنيين لفترة ، ثم إعتزلوه فعاد الحكم للبيت الكنزي ، ولكن كانت المملكة قد فقدت وحدتها ورسمها وتوزعت الى مشيخات وممالك .
إشتهرت منها ممالك هي:ـ
1ـ ارقو ، وتنسب شجرة نسبة الكنوز ملوكها الي إدريس السيد ونس بن رحمة ، جد الملك طمبل حاكم ارقو. بينما تنسبهم شجرة المجموعة الجعلية الدنقلاوية الي الحاكماب.
2ـ المناصير ، وتنسبهم شجرة الكنوز الي نصر الله بن نصر الدين تميم ابن السيد ونس ، بينما تنسبهم شجرة المجموعة الجعلية الدنقلاوية الي الأمير سلمة جد الحاكماب.
3ـ العدلاناب ملوك مروي ، تنسبهم شجرة الكنوز الي عدلان بن السيد ونس,بينما تنسبهم شجرة المجموعة الجعلية الدنقلاوية الي صبح ابو مرخة .
3ـ الغربية ، وكان لها نفوذ علي ارض السكوت والمحس .
المعلومات مستقاه من المصدر اعلاه.
هذه المشيخات او الممالك نفسها كان نظامها الداخلي قائم علي ذات النهج الذي كان عليه نظام الحكم إبان المملكة الموحدة ، وعلي سبيك المثال كانت تضم مملكة ، ممالك أو مشيخات أصغر في كل جزيرة تمبس وجزيرة مقاصر والخناق، وكانت حاضرة المملكة في ارقو ( الدب ).
إذا فتاريخ المنطقة في الفترة التي صمت عن توثيقها المصادر العربية، ظل معلوما غير أنه مهمل ، فبقيت المعلومات مبعثرة هنا وهناك، لم تجد من يبحث عنها ويحققها سوي قلة من الباحثين المصريين ، علي رأسهم الدكتور عطية القوصي ، وتتطرق لها أيضا بعض من مؤرخي عهد الفونج إجمالا دون تفصيل ، مأسورين بتصور تبعيتها لإمبراطورية الفونج.
ملحوظة : ربما كانت مملكة المقرة في عهدها الإسلامي أفضل حالا ـ من حيث التوثيق ـ من رفيقتها علوة ، حيث ضاع كل تاريخ الأخيرة ومعالمها السابقة لثورة المستعربين ، ولم نعد نعلم شيئا عن ملوكها المتأخرين ولا اسمائهم ، باستثناء القليل الذي اورده الكتاب العرب، واصفين مجدها وعمارها قبل أن يلحق الدمار الشامل عاصمتها سوبا ، التي أصبح خرابها مثلا سارت به الركبان .
فضلا عن أن مناهجنا الدراسية خلت تماما من هذه المعلومات ، وبدلا عنها حشوا رؤسنا بتاريخ اوربا وسياسات بسمارك ، فجهلنا جزءا من تاريخنا الوسيط ، كان من إفرازاته على الجيل الحديث، السؤال الذي احتدم الآن حول هويته
بدأت معرفة سكان بلاد النوبة بالجنس العربي منذ القرن الميلادي الأول , عندما أستقرت بينهم مجموعة من عرب اليمن ‘شاركت في الحملة التي سيرها ( أبرهة ذي المنار بن ذي القرنين الحميري ) وآثرت البقاء بعد إنتهاء أمر الحملة كما يقول إبن خلدون , تلي ذلك هجرات لاحقة من جزيرة العرب بعد إزدياد نشاطهم التجاري مع بلاد السودان كما يقول الدكتور يوسف فضل , غير أن التدفق الأكثر أثرا جاء في العصر المملوكي علي مصر