بلادي
الشيخ ماهر إسماعيل رحمه
الله من مواليد العقد الثاني
من القرن العشرين وهو من
أعلام الفكر الديني
والدنيوي على حد سواء.. فهل
نعرف الشيخ بأنه من أبناء
النوبة؟ أم نعرف النوبة
بالشيخ ماهر؟ .. وقد عرفته
منابر ومجالس السودان منذ
أمد بعيد وكذلك منابر مصر
الشعبية والرسمية له
مؤلفات عديدة في المجال
الديني أبرزها )كتاب القضاء
والقدر(.
انه ابن من أبناء بلانه البررة
الذي ما انفك يناضل من أجل
النوبة حتى آخر رمق في
حياته ، وقد مثل مديرية
أسوان في مجلس الأمة دورة
ثم بعد ذلك دورتين بعد أن
تحول إلى مجلس الشعب.. كان
صديقاً شخصياً لكبار
الشخصيات من زعماء ورجال
السياسة )عبدالناصر – أنور
السادات – سيد مرعي( - على
سبيل المثال وليس الحصر
– ولقد زاره في بيته كل من
خالد محي الدين – اللواء مدكور
أبو العز – جميع محافظي
أسوان بلا استثناء.
كان خطيباً قديراً وله أسلوبه
المميز في شد انتباه
مستمعيه .. فعندما جاء
الرئيس الراحل جمال
عبدالناصر لزيارة معبد أبو
سنبل في بلانة القديمة
قبيل التهجير قام بإلقاء
خطبته بتلقائية محببة
واستغرب الرئيس أن يكون
في مثل هذا المكان القاصي
المنعزل من يملك مثل هذه
الثقافة والقدرة على
التعبير .. وبعد أن انتهى من
إلقاء خطبته سأله الرئيس
عن الكلية التي تخرج منها
فرد عليه وبنفس
التلقائية أنه خريج كلية
)كمبال( وكمبال هذا نموذج
الرجل النوبي البسيط الذي
تعلم منه ثم استزاد لنفسه
ليكون بذلك عميداً لكلية
كمبال والمتحدث الرسمي
باسمها.
حدث أنه كان يخطب في مجلس
الشعب وكانت خطبته دينية
فما كان من شيخ الأزهر آنذاك
الدكتور الشيخ شلتوت إلا
وقام بوضع عباءته الأزهرية
على كتفي الرجل قائلاً: من
حق هذا الرداء أن يلبسه من هم
مثلك.
كان رحمه الله شغوفاً
بالنوبة يحمل همومها ويعبر
عن شجونها فحدث أن سألته
وزيرة الشئون الاجتماعية
السابقة د. حكمت أبو زيد عن
الفارق بين أرض النوبة
القديمة وأرض النوبة
الجديدة فقال : النوبة
القديمة لمثابة الأم عندنا أما
الأرض الجديدة فبمثابة زوجة
الأب .. ولكم أحبائي أبناء
النوبة أعضاء المنتدى أن
تتخيلوا معي عمق التشبيه
وكيف أن إحساسك تجاه زوجة
الأب لا يمكن أن يرقى
لمستوى أحاسيسك تجاه
الأم . يا لروعة التشبيه
فحري بنا أن نذكر الأجيال
ونعرفها على تاريخ مثل هذا
الرجل العملاق الذي نعتز به
رحمه الله رحمة واسعة
واسكنه فسيح جناته
ويعوضنا عنه خيراً. فما
أحوجنا نحن أبناء النوبة
بأمثال هذا الرجل .
عادل سيد إبراهيم
المصدر : العدد الأول من مجلة
نفرتاري )بلانه(
يوليو 1993م