عمر عثمان خضر ...عاشق التراث الشعبي
--------------------------------------------------------------------------------
ولد عمر عثمان خضر في 1938م بالقاهرة ونشأ في حي بولاق ابوالعلا ثاني اكبر تجمع للنوبيين بعد عابدين , والتحق بالمدرسة الالزامية ثم الاولية , في هذه السن المبكرة كانت جدته تسكب في اذنيه سحر النوبة من حكايات أحد أجداده الذي تصدى لجنود الخليفة التعايشي المهدية "الدراويش" في قرية قرشة النوبية وأساطير النيل وحواديت الجدات من حقائق وخرافات وأمثال شعبية وفوازير باللغة النوبية و "كشي" القديمة التي كانت موطن أجداده من سلالة بني الكنز و الامارة النوبية الضائعة منذ دخول سليم الاول بلاد النوبة
عمر عثمان ... عـــــاشق الـــتراث الــشعـبي
فنشأ الطفل عمر خضر في هذا العالم الخيالي العجيب وكأنه في عالم ألف ليلة وليلة او في دنيا علي بابا , فتفتحت مداركه على هذه الفنون الشعبية النوبية من الحكايات والامثال والنوادر وسير الابطال الشعبيين من المنطقة .
مما كان له أثره المستقبلي الايجابي فيما بعد حيث تخصص في الدراسات الشعبية العامة,وحينما انتقل للحياة في حي العجوزة كان ذلك قنطرة للعبور الي حي امبابة ذات الكثافة السكانية النوبية مما عوضه كثيراً عن امتزاجه البسيط بالنوبة القديمة التي لم يزرها ولكنه من خلال حكايات جدته كان يعرفها جيدا أكثر من بعض المقيمين بها لانه كان فناناً نوبياً عاشقاً لأرض أجداده .
أصعب الحقب
ويبدو لي انه عاش التحولات النوبية الكبرى من تعلية 1933م وبناء السد العالي وتهجير أبناء النوبة في 1963م-1964م بعواطفه الجياشة , حيث اختزن كا تلك المرارات منذ طفولته حتى شيخوخته وسكبها دماً على الورقحصل على بكالوريس المواد الاجتماعية من كلية التربية جماعة عين شمس 1961م ,وعمل مدرساً بالمعاهد الازهرية من1968م-1973م وفي هذه الحقبة توطدت علاقته بالقائمين على الدراسات الشعبية والحقل الادبي عامة فأحتفظ بصداقات الاستاذة صلاح عبدالصبور والساعر فوزي العنتيل وزكريا الحجاوي ود.عبدالحميد يونس وصديقه الحميم د.صفوت كمال محمد وغيرهم من كبار الادباء خاصة الادب الشعبي.
ولكا كان عمر عثمان خضر فناناً يسكنه القلق ولاتحده الحدود , تنتقل بين عدة وظائف ومهام,حيث عمل مدرساً بمعهد اعداد المعلمين بالرياض منذ مطلع الثمانينيات ثم مدرساً للاجتماعيات بمدرسة العارض الثانوية بالرياض ثم بالرئاسة العامة لرعاية الشباب "بالظهران" بالسعودية , ثم خبيراً للتراث الشعبي "فولكلور" بالجمعية السعودية للثقافة والفنون , ثم مديرا لتحرير جريدة "رسالة جماعة" بكلية التربية جماعة الملك سعود بالرياض ,ثم خبيراً اعلامياً بالهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وانمائها بالسعودية,ثم مستشاراً اعلامياً لهيئة الاغاثة الاسلامية العالمية حتى 1998م , وبعدها عاد الى مصر وأستقر بها , ولكنه كان فريسة لبعض أمراض الشيخوخة المبكرة والمتأخرة مما عاقه عن انجاز بعض طموحاته في مواصلة مسيرته الابداعية في الادب الشعبي , والكتابة للطفال وترجمة بعض الاعمال من العربية الى الفرنسية و الانجليزية .
باحث جاد
كنت في الثمانينيات قد قرأت له عدة مقالات ودراسات شعبية في مجلة الدراسات الشعبية من الدوريات المتخصصة في التراث الشعبي, فأيقنت انني اما باحث جاد وعميق , وأعتبره بعد الفنان الشاعر الرسام محي الدين شريف 1922م-1996م من أهم الباحثين الذين كتبوا عن التراث النوبي من أبناء النوبة , فأذا كان محي الدين شريف نوبياً حتى النخاع فأن عمر خضر يعد نوبيا ً عاشقاً لتراثه رغم عدم رؤيته الفردوس الضائع .
ولعل طول سفره للمملكة العربية السعودية حال دون تواصله مع معظم أبناء النوبة في مصر , حيث لم يكن معروفا الا للمتخصصين في الدراسات الشعبية عامة , وقد كان الفقير جاداً في حياته كما كان جاداً في بحوثه ودراساته المتنوعة .
فوجئ ذات يوم في جمعية قورتة عند افتتاحها في عام 1999م بعابدين بكاتب هذه السطور يشيد ببحوثه ودراساته المنشورة في في مجلة الدراسات الشعبية ويناقشه في بعض الجزئيات التراثية فأبدى اغتباطاً بأن الجيل الذي وراءه جيله ينضج بصورة أعمق من جيله
وفي 12 يوليه 2006م لبى عمر عثمان محمد خضر نداء ربه بعد حياة حافلة بين محراب التدرييس وقداسة القلم تاركاً وراءه المئات من البحوث والدراسات في التراث الشعبي المصري عامة .--------------------------------------------------------------------------------
ولد عمر عثمان خضر في 1938م بالقاهرة ونشأ في حي بولاق ابوالعلا ثاني اكبر تجمع للنوبيين بعد عابدين , والتحق بالمدرسة الالزامية ثم الاولية , في هذه السن المبكرة كانت جدته تسكب في اذنيه سحر النوبة من حكايات أحد أجداده الذي تصدى لجنود الخليفة التعايشي المهدية "الدراويش" في قرية قرشة النوبية وأساطير النيل وحواديت الجدات من حقائق وخرافات وأمثال شعبية وفوازير باللغة النوبية و "كشي" القديمة التي كانت موطن أجداده من سلالة بني الكنز و الامارة النوبية الضائعة منذ دخول سليم الاول بلاد النوبة
عمر عثمان ... عـــــاشق الـــتراث الــشعـبي
فنشأ الطفل عمر خضر في هذا العالم الخيالي العجيب وكأنه في عالم ألف ليلة وليلة او في دنيا علي بابا , فتفتحت مداركه على هذه الفنون الشعبية النوبية من الحكايات والامثال والنوادر وسير الابطال الشعبيين من المنطقة .
مما كان له أثره المستقبلي الايجابي فيما بعد حيث تخصص في الدراسات الشعبية العامة,وحينما انتقل للحياة في حي العجوزة كان ذلك قنطرة للعبور الي حي امبابة ذات الكثافة السكانية النوبية مما عوضه كثيراً عن امتزاجه البسيط بالنوبة القديمة التي لم يزرها ولكنه من خلال حكايات جدته كان يعرفها جيدا أكثر من بعض المقيمين بها لانه كان فناناً نوبياً عاشقاً لأرض أجداده .
أصعب الحقب
ويبدو لي انه عاش التحولات النوبية الكبرى من تعلية 1933م وبناء السد العالي وتهجير أبناء النوبة في 1963م-1964م بعواطفه الجياشة , حيث اختزن كا تلك المرارات منذ طفولته حتى شيخوخته وسكبها دماً على الورقحصل على بكالوريس المواد الاجتماعية من كلية التربية جماعة عين شمس 1961م ,وعمل مدرساً بالمعاهد الازهرية من1968م-1973م وفي هذه الحقبة توطدت علاقته بالقائمين على الدراسات الشعبية والحقل الادبي عامة فأحتفظ بصداقات الاستاذة صلاح عبدالصبور والساعر فوزي العنتيل وزكريا الحجاوي ود.عبدالحميد يونس وصديقه الحميم د.صفوت كمال محمد وغيرهم من كبار الادباء خاصة الادب الشعبي.
ولكا كان عمر عثمان خضر فناناً يسكنه القلق ولاتحده الحدود , تنتقل بين عدة وظائف ومهام,حيث عمل مدرساً بمعهد اعداد المعلمين بالرياض منذ مطلع الثمانينيات ثم مدرساً للاجتماعيات بمدرسة العارض الثانوية بالرياض ثم بالرئاسة العامة لرعاية الشباب "بالظهران" بالسعودية , ثم خبيراً للتراث الشعبي "فولكلور" بالجمعية السعودية للثقافة والفنون , ثم مديرا لتحرير جريدة "رسالة جماعة" بكلية التربية جماعة الملك سعود بالرياض ,ثم خبيراً اعلامياً بالهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وانمائها بالسعودية,ثم مستشاراً اعلامياً لهيئة الاغاثة الاسلامية العالمية حتى 1998م , وبعدها عاد الى مصر وأستقر بها , ولكنه كان فريسة لبعض أمراض الشيخوخة المبكرة والمتأخرة مما عاقه عن انجاز بعض طموحاته في مواصلة مسيرته الابداعية في الادب الشعبي , والكتابة للطفال وترجمة بعض الاعمال من العربية الى الفرنسية و الانجليزية .
باحث جاد
كنت في الثمانينيات قد قرأت له عدة مقالات ودراسات شعبية في مجلة الدراسات الشعبية من الدوريات المتخصصة في التراث الشعبي, فأيقنت انني اما باحث جاد وعميق , وأعتبره بعد الفنان الشاعر الرسام محي الدين شريف 1922م-1996م من أهم الباحثين الذين كتبوا عن التراث النوبي من أبناء النوبة , فأذا كان محي الدين شريف نوبياً حتى النخاع فأن عمر خضر يعد نوبيا ً عاشقاً لتراثه رغم عدم رؤيته الفردوس الضائع .
ولعل طول سفره للمملكة العربية السعودية حال دون تواصله مع معظم أبناء النوبة في مصر , حيث لم يكن معروفا الا للمتخصصين في الدراسات الشعبية عامة , وقد كان الفقير جاداً في حياته كما كان جاداً في بحوثه ودراساته المتنوعة .
فوجئ ذات يوم في جمعية قورتة عند افتتاحها في عام 1999م بعابدين بكاتب هذه السطور يشيد ببحوثه ودراساته المنشورة في في مجلة الدراسات الشعبية ويناقشه في بعض الجزئيات التراثية فأبدى اغتباطاً بأن الجيل الذي وراءه جيله ينضج بصورة أعمق من جيله
وفي 12 يوليه 2006م لبى عمر عثمان محمد خضر نداء ربه بعد حياة حافلة بين محراب التدرييس وقداسة القلم تاركاً وراءه المئات من البحوث والدراسات في التراث الشعبي المصري عامة .
موضوع: عمر عثمان خضر ...عاشق التراث الشعبي 
الجمعة يناير 07, 2011 6:24 am