النوبية
عمارة الطين
حسن فتحي من
الفشل إلى النجاح
من مباني النوبة
القديمة )قبل الغرق(
عمارتها الرائعة
كالموسيقى هي التي
اكتشف فيها حسن
فتحي حلولاً معمارية
لأسلوبه في البناء
للفقراء
]align=justify[كانت
حياته نموذجاً فريداً
يثير الدهشة والتعجب
فقد جمع بين النجاح
العظيم والفشل
الكبير ! وبينما حظي
بتقدير منقطع
النظير من المحافل
المعمارية الدولية ، ظل
منهجه في البناء
مرفوضا ومثار جدل
بين المهندسين
المعماريين في وطنه
مصر .
سألت المهندس
المعماري الدكتور سيد
كريم في مقابلة
صحفية عن رأيه في
عمارة زميله حسن
فتحي - والدكتور سيد
كريم من جيل حسن
فتحي، ومن
المعارضين لأسلوبه
في البناء - قال:
" إنه يحاول إحياء أشكال
معمارية ماتت منذ زمن
طويل، يحاول إخراجها من
المتحف ليعيد إليها
الحياة، ومثل هذه
الأشكال التراثية لا
تصلح اليوم إلا في
الكرنفالات. تماما كمن
يستخرج زي نابليون
من المتحف، إنه لن
يرتديه إلا في حفلات
الكرنفال. وإذا كانت
عمارة أجدادنا الطينية
تقوم بتعديل الحرارة
15 درجات، فإن العلم
الحديث وأجهزة تكييف
الهواء تعدل الحرارة أي
عدد من الدرجات ".
أما حسن فتحي فكان
رده على هذا الهجوم بأن
أشار إلى بناء في
القاهرة على شكل
صندوق من
الألومنيوم والزجاح
وقال: " عندما نقيم
مثل هذا المبنى الذي
يختزن حرارة الشمس
ليصبح أقرب إلى
الفرن منه إلى
المسكن، ثم نستهلك
أطنانا من الوقود
لتخفيض حرارته، فإن
هذا يعد سفها!؟".
وتبينت بعد ذلك أن
الدكتور سيد كريم
كان يبني للأغنياء أما
حسن فتحي فكانت
تشغله قضية البناء
للفقراء، وكان
يشاركه الدعوة لهذه
القضية الفنان
المعماري " رمسيس
ويصا واصف "، وقد
رفعا لواءها معاً حتى
منتصف القرن
العشرين ، ثم انهمك
رمسيس ويصا في
مجال آخر نال عنه شهرة
عريضة، عندما أنشأ "
بيت الفن " في قرية
الحرانية بالجيزة ،
الذي ينتج فيه أطفال
الفلاحين حتى اليوم
سجاد الحائط المرسوم
بزخارف وأشكال
فطرية رائعة في
صدقها، ويعملون داخل
مبان مقامة من طين
الأرض، سقوفها
أقبية ونوافذها
مشربيات، ومنذ 1955
أصبح حسن فتحي
المقاتل الوحيد من أجل
" عمارة الطين ".
بالطبع كانت هناك
مقاومة صامتة من
المنتفعين بصناعات
البناء الحديث،
كالحديد والألومنيوم
والزجاج، ثم الحوائط
الجاهزة وما شابه ذلك.
لكن ظاهرة فشل جميع
مشروعاته للفلاحين
في مصر لم يكن
سببها الوحيد مقاومة
الآخرين لها، ولكنها
أخطاء التجربة الجديدة
ومشكلة أي فكر نظري
عظيم عند اختباره في
التطبيق العملي،
بالإضافة إلى عناد
حسن فتحي ) ابن
الأكابر ( الذي أصر على
أن يرتقي بالفلاحين
طبقا لمفاهيمه هو لا
مفاهيمهم ، دون حساب
لرغباتهم.. بل بالرغم
منهم بإصراره على أن
يفرض عليهم ما لم
يقبلوه.
والغريب أن أسلوب
البناء للفقراء - الذي
نتوقع له أن ينتشر
على النطاق العالمي
خلال الأعوام القادمة -
لم يطبق حتى اليوم
على نطاق واسع في
قرى مصر وواحاتها
ليسكنها الفلاحون
الذين حارب حسن فتحي
وأفنى حياته من أجل
إحياء أسلوب في
البناء يتلاءم مع
ظروفهم، ويواجه
مشكلة الإسكان في
ظروف الانفجار
السكاني. الغريب أن
هذه الطريقة لا تزال
حتى اليوم تستخدم
في بناء " فيللات "
ومساكن خاصة وقرى
سياحية بنجاح، ولكن
للأغنياء وليس
للفقراء!.
لكن المعماري المباع
حسن فتحي كان محاطا
بجيل من " الحوارين "
المؤمنين بنظرياته
في فن البناء، وهم
يدركون النواقص
والأخطاء التي كشف
عنها التطبيق المحدود
لنظريات أستاذهم،
ويعملون الآن على عدم
تكرارها ، إن الخطوة
التالية التي نتوقعها
بعد استخدام هذا
الأسلوب في بناء
المساكن الخاصة
واستراحات الأثرياء
ستكون بناء قرى
حقيقية يقبل
الفلاحون على سكناها.
وليس في هذا ما
ينتقص من قدر
الفنان المعماري
والمفكر المبدع حسن
فتحي، لكن المناقشة
الصريحة لمنهجه
وأسلوبه وأخطائه هي.
السبيل إلى تطوير
تجاربه وتعديل منهجه
وتفادي العيوب التي
ظهرت في التطبيق
فيتحقق الحلم الذي
عاش من أجله وهو "
البناء للفقراء ".
نجم من الجيل الثاني :
هو أحد عمالقة الجيل
الثاني من الفنانين
المصريين الذين
ولدوا في مطلع القرن
العشرين ) 23 مارس
1900 - 30 نوفمبر
1989 (. وقد تلقى
علومه على يدي رائد من
الجيل الأول هو "
مصطفى باشا فهمي
المعمار " مصمم عمارة
مبنى ضريح سعد
زغلول بالقاهرة،
والقصر الملكي
وقصر الضيافة
بالرياض وتوسيع
مبنى الحرم المكي، ثم
مبنى الجمعية
الزراعية الملكية
وسراي النصر بأرض
المعارض بالجزيرة
بالقاهرة، وغير ذلك من
المشروعات.
تخرج حسن فتحي في "
مدرسة المهندس خانة "
عام 1926 ) كلية
الهندسة بجامعة
القاهرة حالياً (، وعمل
مهندسا بالإدارة العامة
للبلديات والمجالس
المحلية لمدة أربع
سنوات، ثم انتقل
للعمل أستاذا للعمارة
بكلية الفنون
الجميلة بالقاهرة عام
1930، واستمر في هذا
الموقع حتى 1946. وقد
انتدب عام 1946 من
عمله بكلية الفنون
الجميلة إلى مصلحة "
الآثار " ليتفرغ
لتصميم وتنفيذ
قرية " القرنة الجديدة
"، وقد توقف عن إتمام
بنائها عام 1953. وخلال
هذه الفترة وفي أثناء
الضجة التي أثيرت
حول " القرنة الجديدة "
تولى العمل مديرا
للمباني بوزارة
المعارف العمومية
)التعليم حاليا( من
1949 حتى 1952. كما
اختير عام 1950 خبيرا
بالأمم المتحدة. وقد عاد
للتدريس بكلية
الفنون الجميلة
بالقاهرة، وتولى
رئاسة قسم العمارة
بها من 1954 حتى 1957.
وانتقل للعمل
بمؤسسة "
دوكسياديس "
للتعمير ومركزها
الرئيسي أثينا، وكان
في ذلك الوقت عضوا
في لجنة أبحاث مدينة
المستقبل التابعة
للأمم المتحدة، وفي
خلال عمله في مؤسسة
" دوكسياديس "، وضع
تصميمات الإسكان
المتميز بالعراق 1959،
وجامعة الجزائر، وجامع
باكستان 1960.
وفي 1963 بدأ مشروع
قرية " باريز الجديدة "
بالوادي الجديد ) الواحات
الخارجة ( في صحراء
مصر الغربية، وبعد
عامين صمم المركز
الثقافي بالأقصر
ولم يتم تنفيذه،
وفي 1964 أعير للأمم
المتحدة مديرا
للمشروع النموذجي
لتعمير منطقة جدة
بالمملكة العربية
السعودية، ثم وضع
تصميمات المعهد
العالي لأبحاث التراث
والفنون الشعبية
ليقام بالأقصر،
لكنه لم ينفذ. وفي
عام 1967 توقف
تنفيذ تصميماته
لقرية " باريز الجديدة
" في الواحات.
بعد ذلك وضع
تصميمات لعدد من
المساكن الخاصة في
مصر وخارجها، وقد تم
تنفيذ عدد منها، حتى
أنجز عام 1981
تصميمات قرية " دار
الإسلام " وتم تنفيذ
جانب منها في ولاية "
نيومكسيكو "
بالولايات المتحدة
الأمريكية. وهي
مستوطنة شيدت
بالطوب اللبن على
أيدي البنائين
النوبيين وأثارت ضجة
كبيرة في الأوساط
المعمارية الأمريكية،
فقد أدهشتهم
بحوائطها الطينية
ومبانيها ذات القباب
والأقبية، وكانت
سببا في ذيوع
شهرته الجماهيرية
عالميا، خاصة عندما
شاهدتها رئيسة وزراء
الهند وقتها " أنديرا
غاندي " وأعلنت أن هذا
المنهج في البناء
يصلح لإسكان
ملايين الهنود
الفقراء.
وهكذا ارتفع تقديره
عالميا، واعتبره
المسئولون في
منظمة اليونسكو: "
أحسن مهندس للبيئة
في العالم " وقامت
الهيئة بإعداد فيلم
وثائقي عنه وعن
أعماله المعمارية. ]/