الرائد الصحفي النوبي_الشيخ عبدالرحمن أحمد

[
من رموزنا النوبية السامقة
رائد من رواد الصحافة
السودانية هو الشيخ/عبد
الرحمن أحمد محمد مظلوم "ابن
السودان". ولد عام 1871
بقرية حميد ، مركز عبري ،
محافظة حلفا بالمديرية
الشمالية. سافر إلى مصر
صغيرا ودرس بالأزهر
الشريف ثم عاد للسودان
والتحق بمصلحة المعارف
معلما فدرّس ببربر وتزوج
بها. وتنقل في مدارس كثيرة
حتى عمل في كلية غردون
التي وضع اللورد كرومر حجر
أساسها في 5/1/1900
وافتتحت رسميا عام 1902م.
تزوج الشيخ عبد الرحمن
بثلاث زوجات الأولى من مصر
والثانية من بربر والثالثة
ابنة عمه سعيدة بدر الدين
محمد مظلوم شقيقة الأستاذ
إبراهيم بدر الدين وفاطمة بدر
الدين )والدة عثمان والدكتور
عبد الفتاح محمد فرح أرصد
واخوانهما( بقرية حميد وله 3
بنات من الأخيرة وأبناء من
الأخريات ، ومن أحفاده
الصحفي أحمد جمال الدين عبد
الرحمن. والشيخ عبد الرحمن
هو ابن عم القاضي عثمان عبد
الحليم الشهير بعثمان دبر.
ويعد الشيخ عبد الرحمن من
أبكار الصحفيين
السودانيين وأحد صاحبي
امتياز صحيفة السودان
الصادرة عام 1934 مع الشيخ
محمد السيد السواكني ، وهي
من أولى الصحف التي صدرت
في السودان وتزامن صدورها
في نفس العام مع صدور
مجلة الفجر التي أنشأها
عرفات محمد عبد الله )1898 –
1938(. أما صحيفة النهضة
التي كان يصدرها محمد عباس
أبو الريش )1908 – 1933( فقد
ظهرت بين عامي 1931 و1932م
وتوقفت بموت محررها عام
1933م.
وقد سبقت صحيفة السودان
كلا من صحيفة "النيل" أول
صحيفة يومية والتي
أنشئت عام 1935 وكانت
ناطقة بلسان آل المهدي
وتناصر حزب الأمة عند
إنشائه في فبراير 1945. كما
سبقت صحيفة " صوت
السودان" الناطقة بلسان
الختمية والتي صدرت في
مايو 1940. وكانت صحيفة
السودان تصدر مرتين في
الأسبوع يومي الاثنين
والخميس وكانت من أوسع
صحف السودان انتشارا في
زمانها.
وقد تولى الشيخ عبد الرحمن
قبلها تحرير صحيفة حضارة
السودان )الثانية( التي قامت
على أنقاض صحيفة حضارة
السودان )الأولى( التي صدرت
عام 1919 والتي تولى تحريرها
أولا حسين شريف )ابن
الخليفة محمد شريف خليفة
الكرار أحد خلفاء المهدية( وكان
أحد أعضاء جمعية اللواء
الأبيض، ثم أعقبه الشيخ /
عبد الرحمن أحمد فالشيخ
عثمان القاضي ، وتوقفت عام
1934م.
وكانت لـ "ابن السودان"
صولات وجولات في عالم
الصحافة والدعوة لإصلاح حال
المرأة ومن ذلك أنه كان يدعو
لنبذ العادات والتقاليد
الضارة ويدعو للتخلي عن
)الرهط أو الرحط( و)الكنفوس(
و)القرباب( والوشم والختان
والتشليخ. والرهط لباس
عربي قح غير محتشم وهو
شريط من الجلد يوضع حول
الوسط وتتدلى منه خيوط
جلدية رفيعة، والكنفوس لا
يخرج عن كونه نوعا من الرهط
أما لباس القرباب فهو عادة
مصرية قديمة انتقلت
للسودان. فإذا أدركنا أن
نسبة التعليم لم تتجاوز 2،
5 % عام 1937 و4% عام 1940
لأدركنا عظم الدور الذي كان
يقوم به مع رفاقه.
يقول عنه محجوب باشري في
كتابه رواد الفكر السوداني:
"الشيخ عبد الرحمن عرف
بالكياسة واللباقة في
كتاباته فهو ينقد ولا
يسيء ، ويكشف الخبايا ولا
يدان ... أحب الشباب جريدته
لأنها وطنية ولا تعبر عن رأي
الحكومة ولا تنساق لها.
ويضيف: فًتًح عبد الرحمن
صدر جريدته لناشئة الأدباء
فكنت ترى قلم طوبجي
وحربي وغشيم وعبد الله رجب
وعبد الرحمن عبد الله ومحمد
عمر إدريس وعبد الله
الأحمدي ...
حقا لقد كان الشيخ عبد
الرحمن أحمد معلما خاصا في هذا
البحر اللجيء ، وهو صاحب أول
صحيفة وطنية ينشئها فرد
واحد. لقد تفوقت هذه
الصحيفة على ما عداها، إنك لا
تحس في روح الصحيفة أي
افتعال أو حذر أو اندفاع نحو
طائفة أو مركز نفوذ .... وفي
الأربعينيات عندما نظر
السودانيون في تقرير
مصيرهم كانت صحيفة
السودان هي السند والعضد
للأحرار، فقد بدأت سافرة
تلعن الاستعمار. جاءت
الصحافة الحزبية فشغلت
الناس عن منبر من المنابر
العظيمة التي ربت جيلا
وعلمته أن يتمسك بكرامته
ويحب وطنه وذلك بفضل
المعلم الأستاذ عبد الرحمن
أحمد."
هذا هو الشيخ عبد الرحمن أحمد
ابن حميد وابن السودان الذي
خرج من قرية حميد ونهل من
منابع العلم في القاهرة وعاد
ينشر العلم والمعرفة في
ربوع الوطن الكبير في تجرد
ونكران ذات دون افتعال أو حذر
أو اندفاع نحو طائفة أو مركز
نفوذ. فهنيئا للنوبة
الولود الودود التي أهدت
لوطننا الكبير هذا الرجل
العظيم مع الكوكبة الأخرى
من الرجال العظماء.
وإلى أن نلتقي معكم مع رمز
آخر من رموزنا النوبية