منتديات معتصم أقداوي للثقافة والتراث النوبي
مرحبا بك في ‏منتديات معتصم أقداوي للثقافة والتراث النوبي
منتديات معتصم أقداوي للثقافة والتراث النوبي
مرحبا بك في ‏منتديات معتصم أقداوي للثقافة والتراث النوبي
منتديات معتصم أقداوي للثقافة والتراث النوبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات معتصم أقداوي للثقافة والتراث النوبي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شياخة مك الناصر ـــــــ عمودية دويشات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
معتصم محمد
عضو ماسي
عضو ماسي



عدد المساهمات : 297
تاريخ التسجيل : 02/12/2010

شياخة مك الناصر ـــــــ عمودية دويشات Empty
مُساهمةموضوع: شياخة مك الناصر ـــــــ عمودية دويشات   شياخة مك الناصر ـــــــ عمودية دويشات Icon_minitimeالجمعة يناير 07, 2011 12:46 am

شياخة مك الناصر ـــــــ عمودية دويشات
ولادتــــه ونشأته

ولد ونشأ في مجتمع أرض الحجر بشياخة مك الناصر ، توفي وآلده وهو صبي صغير وتوفي أخيه الأكبر بإحدى مناطق دنقلا بعد أن أتم حفظ القرآن بإحدى الخلاوي ، فربته وآلدته على الصفات الفاضلة والكرم والشجاعة ، فتحمل المســـــئولية وهو لم يجاوز الخامسة عشر من عمره ، وقبل أن يتزوج زوج أخواته البنات في بعض أرقى الأســـرفي المنطقة .
أصيب في قدمه اليمنى ، حيث أنفجرت بين يديه بندقية صيد قديمة ورثها من وآلده ، فكاد أن يدفع حياته لولا رعاية الله ، فعولج وشفي بعد عذاب شهور ولكنه خرج من هذه المحنة أعرجا.
صفاته
ـــــــــــــ
كان الكرم من أجل صفــــاته وكان بيته مفتوحا على الدوام ، وكان مجلسه عامرا بالضيــــــــوف طوال اليوم لا يسأل الضيف من أين قادم والى أين ذاهب ، بل يقدم وآجبات الضيافة أولا بأول والى أن يرحل الضيف بأرادته ، متى ما يشاء .
جرأته وشجاعته:
كان الرجل معروفا للداني والقاصي بشجاعته في إحقاق الحق ، ومن أمثلة ذلك أنه كان طرفا رئيسيا في القضية المشهورة في شياخة مك الناصر قضية { جزيرة تنجوري } الذي أستمرت فترة من الوقت وأصبح السكان بسببها فريقين وملخص ذلك القضية الذي شغلت الرأي العام النوبي في حلفا وتدخل كبار تجارها وأعيانها للصلح بين الفريقين
تقول أوراق القضية :
أن بالجانب الغربي من جزيرة تنجوري مساحة كبيرة من
{ نبات الديس } المشهورة والذي كانت تقطع وتخزن
لموسم فيضان النيل ليكون علفا للحيوانات طوال فترة الدميرة ، ولما كانت تلك المساحات من نبات الديس كبيرة
وتزيد عن حاجة السكان في تنجوري فقد عقد مجلس من كبار الأعيان لمناقشة هذا الموضوع وخلص المجلس أن يتم
توزيع هذا العلف بالتساوي بين المواطنين لأنهم جميعا أصحاب أبل وضأن وبقر يحتاجون للعلف طوال العام وبالطبع لم يرض هذا القرار سكان تنجوري الذين رأوا أن
في هذا تعدي على أملاكهم الخاصة ورفضوا القسمة بين سكان مك الناصر ، أمام هذا الموقف ، أضطر الطرف الأخر أن يتصرف وفق ما تراه مناسبا بدون أخذ الأذن من
السلطات ، كان القائد الفعلي لهؤلاء السكان الغاضبون هـو
الشيخ أحمد خيري ، فوجئ سكان جزيرة تنجوري ذات صباح بأعداد هائلة من هؤلاء الغاضبون يدخلون الجزيرة
من الناحية الغربية من الجزيرة ، جميعهم يحمل في يده منجلاً والقائد الكبير يحمل على عاتقه بندقية سريعة الطلقات
بدأ المهاجمون فورا في حش نبات الديس وجلس القائد يحميهم من خلفهم وهو يجلس على تلة عالية وأضطر سكان
الجزيرة للأنسحاب الى الشرق وقرروا الدعوة لأجتماع عاجل ، وكانت من نتيجتها تقديم بلاغ كاذب من تلفون بير
أمبكول والذي كانت تغطي المنطقة النوبية من حلفا حتى دنقلا في ، يقول البلاغ : هجوم مسلح من مجهولين في جزيرة تنجوري في شياخة مك الناصر والضحايا بالعشرات ، بالطبع جاءت كل القوة من البوليس
الموجود في حلفا مع سيارات الأسعـــــــاف
كان الموقف عند المهاجمين يسير بسرعة هائلة حيث ينص الإتفاق على أن من يستطيع عمل { تمساحية كبيرة } وهي
الربطة الكبيرة ينزلها على النيل مباشرة ويركب على ظهرها وينطلق مع تيار النيل المنطلق نحو الشمال بكل قوة
ويخرج في مكان متفق عليه مسبقاً ، ولحين حضور قوة من البوليس من حلفا كان المزارعون النشطون الذين تم أختيارهم بدقة قد أنهوا مهمتهم بنجاح وكان الشيخ القائد آخـــر الخارجين من الجزيرة وهو على ظهر طوفه الكبير من قش نبات الديس لم ينس أن يتوقف في أحد الجزر المجهولة الكثيرة وسط النيل ويخبئ بندقيته الآلية ، في هذه الأثناء كان قوة البوليس قد وصلت بالفعل وكانت تلتقط الرجال المهاجمون من الشاطئ واحدا واحدا . وبعد أن أكتمل عددهم بقائدهم الشيخ تم تر حيلهم الى مركز بوليس حلفا وبعد التحقيق وخاصة أن البلاغ كان كاذبا في جزء منه
وبعد أن جاء أصدقاء الشيخ من أعيان وكبار تجار حلفا تم
أطلاق سراحهم فورا بضمانات ، وبعد ذلك أستمرت فصول القضية الشهيرة ، والذي أنتهت بعد شهور طويلة بالفصل في القضية لصالح فريق الشيخ وتم أختيار عدد من عمد وشيوخ المنطقة النوبية لتقسيم أماكن نبات الديس بين الفرقاء وللعلم كان لفريق تنجوري حليفا قويا هو العمدة جريس عمدة أكمة وعكاشة .
ومثال آخر: كان السكان في أرض الحجر ،كلما وجدوا فرصة اخذوا من قضبان السكك الحديدية الذي كان يربط بين حلفا وأبو صارة وكرمة ، جنوب حلفا قبل قيام الخط الجديد حلفا ـ أبوحمد ، وفي إحدى المرات ، كان الرجل عائدا بحمولة جملين من قضبان الحديد الذي كان يستعمل في تعريش غرف الضيوف الكبيرة وأثناء عودة الرجل من الطريق الصحراوي قابله رجلان من الهجانة العائدين من مركز دنقلا الى مركز حلفا ، وأخذه رجلا الأمن الى حلفا وقدماه الى المفتش الإنجليزي ، ودافع الرجل عن نفسه أمام المفتش الإنجليزي ، فكان من جملة دفاعه عن نفسه ، أن قال :
أن الحرامي يسرق بالليل ولا يسرق بالنهار ، وأنا وجدت القضبان في مجرى السيل في أحد الوديان ، فأخذته لتوصيله لمركز سكك حديد حلفا ، ولم يجد المفتش ، إلا أن يشكره ويطلب تسليم القضبان الى السكك الحديدية في حلفا .
موقفه من الهجرة والتهجير القسري للنوبيين
كان موقفه الرفض للهجرة منذ أن كان الحديث عن السد العالي يدور همسا بين المواطنين قبل أن يكون حقيقة ووآقعا يجب التسليم به ، ورغم
أن الرجل كالعادة فتح بيته لموظفي التهجير لقضاء أعمالهم ألا أنه كان يرفض الحديث حول موقفه الرافض للهجرة ، رغم أن كبار موظفي التهجير عرضوا عليه مربعا كاملا من المنازل له ولأبنائه إلا أنه رفضها بعنف وفضل أن يموت وآقفا في أرضه وتاريخه .
وكان موظفي التهجير بالطبع يخافون من تأثير الرجل على بقية المواطنين في أرض الحجر ، وحصل ما توقعوه بالفعل حيث رفض أكثر عشيرته الهجرة وفضلوا الإقامة معه رغم سلاح الترهيب والترغيب الذي كان يمارسه معتمد التهجير ضدهم .
وكان هناك أيضا مجموعات من السكان في عمودية دويشات وفي صرص وفي سمنة قد رفضت الهجرة وبقيت في مناطقها في أنتظار المجهول .
ومع إرتفاع فيضان السد العالي ، أضطر الجميع الأعتصام بالجبال العالية والمرتفعات ، وأخيرأ لحق المقيمون بصرص وسمنة إخوانهم في أرض الصمود حلفا وبقي أولئك النفر القليل في دويشات ومك الناصر في وضع مأساوي وزارهم في محاولة أخيرة معتمد حلفا لإثنائهم عن موقفهم الرافض وفعلا وجد تجاوبا وقبولا وكان ذلك أوائل العام 1974م وتم تهجيرهم الى حلفا ومن هناك الى خشم القربة كآخـر دفعة
والجدير بالذكر أن هؤلاء المهاجرون ومعهم مهاجرون من شياخة دال قد تم إسكانهم في أرض جرداء بالقرب من خشم القربة على بعد 14كم بدون بيوت سكنية وأضطر هؤلاء بناء القطاطي للسكن .
جهاد وصمود
بقي الرجل لوحده بعد أن تركه عشيرته الذين لم يستطيعوا مواجهة الظروف القاسية ولم يتصوروا أن يروا بيوتهم وآمالهم وهي تتهاوي مع أمواج مياه السد العالي .
كان الفراق أقوي هذه المرة ولكن الرجل كان رأيه وموقفه أقوي من أي شئ آخر ورفض حتى أن يستمع لنصائح أبناءه الكبار ، والذين قرروا أن يتركوه يواجه مصيره المحتوم فوق الجبال العالية يحاصره النيل المتمرد والذئاب والضباع والحيات والعقارب .
وهنا نقف لحظة مع كتاب السد العالي ومأساة النوبيين لكاتبه الأستاذ / مصطفي محمد طاهر في صفحة 272 يقول : ولقد تواترت إلينا الأنباء في ذلك الوقت أن الشيخ أحمد خيري من أهالي قرية مك الناصر رفض الهجرة الى خشم القربة أو الخروج من قريته ولما كنا ندرك خطورة بقائه بمفرده في منطقة مثل منطقة مك الناصر،
وبحكم تجاربنا مع من سبقوه في المناطق الشمالية، فقد ذهبنا إليه لإقناعه بالإنضمام إلينا في دغيم وبعد أن وصلنا أليه بصعوبة بالغة
مكثنا عنده يومين لنقنعه أن يرحل معنا ليقيم في حلفا لأن حياته وحيدا ومعه زوجته وأبنه خارج المنطقة يعد مستحيلا ، وخاصة أنه كان يحكي لنا بنفسه صراعه مع الضباع والذئاب التى كانت تأتي لللتهجم على بهائمه أو تخريب زراعاته ، وعندما كنت أتحدث أليه في أخر ليلة قضيناها معه قال لي : [ يا أبني ألم يخلق الله آدم وحيداً وأنزله في الأرض ؟ قلت : بلى قال : [وهل أنزل مع آدم شرطيا لحراسته ؟ قلت : لا
قال : [ وأنا كذلك سأبقى هنا دون شرطي لحراستي ولن يحدث إلا ما كتبه الله لي ؟ هذه القصه حقيقيه وليس من باب الخيال ، وأذكر طرفا من تلك المجاهدات الحقيقية الذي كان الشيخ يواجهها يوميا ، أذكر أننا كنا نأخذ الأغنام لرعيها الى مسافات بعيدة ، خاصة الى مناطق بالقرب من صونكي حيث ما زالت هناك بقية من أشجار جافة تصلح للرعي ، وكنا عند العودة عصرا نعاني من مطاردات الذئاب المفترسة ولا أدري الأن من أين كانت تأتينا تلك القوة الذي كنانبعد بها الذئاب عن بهائمنا ، ولكنها على كل حال ، كان بالنسبة لنا حياتنا الغالية ، حيث كنا نعتمد بعد الله على ما تجود بها تلك الغنيمات من حليب قليل ، وفي هذا المقام أذكر حادثة زلزلت صمودنا في تلك الأيام ، حيث أخذنا الأغنام الى جزيرة نائية وسط النيل لترعى هناك أياما
كانت الجزيرة تبعد عن الشاطئ مسافة لا تقل عن خمسمائة متر ، في ذلك الصباح ذهبنا بمركبنا القديم الذي أخذ منه الدهر ، لنفاجئ بمنظر تلك الأغنام المذبوحة ، فقدنا في تلك الحادثة المأسوية أكثر من ثلاثين خروفا من الضأن ، سبح الذئب المفتري لأول مرة مسافة ال 500 متر رغم أنه لا يجيد السباحة ونكبنا في أعز ما نملك ؟ كانت تلك درسا لا ننساها ابدا
وتحدينا الذئاب وقتلنا عددا منها بواسطة شراك الحديد القوية الذي كنا نملك عددا منها ، ومرت الأيام ونحن في جهادنا وأذكر أنه زارنا في تلك الأيام رجلا يجب علينا أن نوفيه حقه من الوفاء وذلك هو السيد / محمد صالح بدر ، الضابط الإداري لمجلس عبري السكوت وقد وقف السيد الضابط الإداري بنفسه على مجاهدات الشيخ وأعجب بها، وذكر سعادته للشيخ أنه مستعد لتلبية أي خدمة يطلبها الشيخ ، وبالطبع كان هناك أشياء كثيرة مطلوبة وأعتبر الشيخ حضور السيد الضابط الإداري هدية من الله ، وأذكر أنه طلب منه حاجتين أثنتين فقط من جملة أشياء مطلوبة ، هما :
1/ المساعدة في فتح شفخانة .
2/ تسجيله في جمعية السكوت .
وبالطبع وآفق السيد محمد صالح بدر على الشرط الأول وقال أنه سوف يزور دنقلا قريبا ويحضر معه التصديق على فتح الشفخانه ، أما بالنسبة على الطلب الثاني فقد قال أنه سوف يصدق له بأستمرار من المجلس أي مواد تموينية يريدها ومتى ما يشاء . وهذا الموقف الرائع من الرجل الإنسان محمد صالح بدر من المستحيل أن ينساه أبناء وأحفاد الشيخ أحمد خيري ، ومن الجدير بالذكر أن السيد الضابط الإداري عندما حضر للمرة الثانية ، كان برفقته ، ممرضا ، ومعه معداته وأدويته وفراشه وطلب منا أن نبني له غرفة لسكنه وعمله ، وهكذا ، جاء الأخ جمال عبدالله متولي من مستشفي عبري منقولا الى شفخانة مك الناصر الذي تم التصديق عليها من الولاية الشمالية بواسطة السيد محمد صالح بدر{ رحمه الله }
ومع مرور الأيام أصبح جمال عبدالله متولي جزء لا يتجزء من مك الناصر حيث تزوج إحدى كريمات الشيخ وأستقر نهائيا بأرض أجداده ، أرض الحجر وا زال عطاءه مستمرا وحتى اليوم .وأذكر في هذا المقام أننا في سبيل بناء نقطة الغيار ، قررنا كشباب أن نجهز لحفلتين في أرض المحس ، وبالفعل نسقنا مع بعض الأخوة والأهل الذين لهم جذور بأرض الحجر ، وتم عمل الحفلة الأولى بمدرسة دلقو الأبتدائية ، بمساعدة الشيخ أبراهيم عبد الرزاق والعم محمد أرو حسين والعم حسين محمد حسين ، وأبنائهم وأخوانهم وعشيرتهم لهم منا جزيل الشكر وبالطبع لا ننسي في هذا المقام طيب الذكر المرحوم يس أبوبكر شريف ودعمه لنا رحمه الله والحفلة الثانية كانت بشدة حيث الجده شمه منصور الذي كانت إحدي زوجات الشيخ في يوم من الأيام وأنجبت له ولدين وبنتين ، ونجحت الحفلتان نجاحا طيبا وساعدنا المبالغ الذي جمعناه في بناء الشفخانه
لعرب الذين قدموا من حلايب :
أذكر في هذا المقام أن العرب من البشاريين والعبابدة لما سمعوا عن هجرة النوبيين عن موطنهم الأصلــــي
تصوروا أنهم بكل يسر سوف يجدوا مكانا مناســـــبا
للإستقرار حول بحيرة النوبة لرعي حيواناتهم من الإبل
والضأن وخلافه ، ولما كان هناك مقيمون في حلــــــفا
فقد وآصلوا مسيرهم بإتجاه أرض الحجر ووصلوا بالفعل إلا أن وجود الرجل لوحده في منطقة ممتـــــــدة
من صرص حتى عمودية أكمه قد أصابهم بالإحبــــــاط
ورغم ذلك عاهدوا في ما بينهم لإ جبار الشيخ على الرحيل وفي سبيل ذلك أخذوا يضيقون الخناق حــــــول
الشيخ إلا أن الرجل كان من القوة أن رد كل محاولاتهم


الي أعقابهم وأذكر في هذا المقام قصة حصلت من العرب مع الشيخ : كانت المياه قد وصلت الى أعلى
مناسيبها في تلك الأيام ولم يكن هناك ثمة أرض لزراعتها في مك الناصر ، كانت المياه قد أتت على
الأخضر واليابس وكان هناك على بعد عدة كيلو مترات
مكان للزراعة بالقرب من صونكي يسمى بشــــــــــارة
وكان الشيخ يزرعها وخبر أحد الأعراب هذا الأمــــــر
فأخذ أبله وغنمه وخرب كل الزراعات في تحد للشيخ
تكرر هذا الأمر أكثر من مرة ، ولما زرع الشيخ من
جديد كان يعرف أن الأعرابي سوف يحضر بأبلـــــــه
فأنتظره بفارغ الصبر وحصل ما توقعه فقد جـــــــــاء
صاحبنا مبكرا في ذلك الصباح وترك أبله وغنمه ترعي مجانا في زراعات الشيخ ، أحضر الشيخ بندقيته
في ذلك الصباح ونظفها وزيتها وملْ خزنتها بالطلقات
وأخذ زوجته وأبنائه وبناته الصغار في تلك الأيــــــام
وتوجه الى مكان الزراعة وهو في شوق للإعطاء درس
للعربي ، كان العربي في تلك الفترة قد شب ناره وجهز
قهوته وفطوره ، وهو في عالمه تلك ظهر الشيخ من بعيد وهو متأبطٌ بندقيته ، لم يصدق الأعرابي ما يشاهده أمامه فقام سريعا لمقابلة الشيخ ، إلا أن الشيخ كان سريعا فنزل عن حماره وأوقف أولاده خلفه وثبــــــــت
البندقية في رقبة الحمار في مواجهة الأعرابي وصاح
فيه أن تقدمت خطوة الى الأمام فلا تلوم إلا نفســـــــــك؟ حاول العربي أن يتفاهم ، فقال له ليس هناك أي تفاهم بيننا وأنت تتحداني في أرضي ؟؟؟؟؟؟؟
قال العربي : ألعن الشيطان يا أحمد خيري ؟ قال الرجل
شوف سوف أسمح لك هذه المرة ولكن بشرط ؟
قال العربي وهو غير مصدق : أشرط يا أحمد خيري
أنا موافق لأي شرط ! وذلك في محاولة لكي يخلص
نفسه من الورطة ، قال الشيخ : شوف هذه أول وأخــــر
مرة أشوفك فيها في هذا المكان وثانيا : أحدد لك من ....
...... الي ......... وحدد له المكان ، أن شاهدتك في أحد
منها فلا تلوم إلا نفسك ؟
لم يصدق الأعرابي أنه نفذ بجلده من غضب الشيخ
الذي أكرم وفادتهم من قبل وعاملهم بالحسنى ، واخـــذ
أبله وغنمه وأخذ الجبل . ومنذ ذلك اللحظة كان منصور
وهذا أسمه يسرح بغنمه بعيدا عن المكان الذي حدده له الشيخ . وفي هذا المقام نذكر أن وفدا من هؤلاء الأعراب قابلوا حاكم الولاية الشمالية عندما كان الرئاسة في الدامر لكي يسمح لهم بإمتلاك الأرض في حلفا إلا أن وجود المقيمين في حلفا قد خيب طموحاتهم
وما زال بعضهم موجودا وحتى اليوم في حلفا وفي أرض الحجر وأنصهروا مع المجتمع النوبي وشاركوا
المقيمين في صمودهم وجهادهم ، ومن هؤلاء أذكر
العم [ حركه ] رحمه الله وأبناءه فقد لعب هذا الرجــل
دورا بارزا في صمود الشيخ ، حيث كان عونا له عندما
تركه أبناءه وأقرباءه يواجه مصيره مع الجوع والمرض والفقر ، وذلك في سبيل أن يوفر له الشيخ الحماية والإستقرار وحتى اليوم أبناءه موجودون بجوار أبناء الشيخ الذين أوصاهم الشيخ بحسن معاملتهم لأنهم جزء من نضاله وصموده .
تعليم أبناء الشيخ :
كان أبناء المقيمين في سمنة ودويشات ومك الناصر يقيمون في داخليات وفرت لهم بعد معاناة في مدرسة صرص الأبتدائية وبعد أن هاجر الدفعة الأخيرة من السكان الذين كانوا رافضين للهجرة ، تم قفل الداخلية
لأنه لا يستطيع أن يفتح لطالب أو طالبين من أبناء الشيخ ، أضطر الشيخ عندها أن يأخذ أبناءه لداخليات مدرسة عكاشة والذي تبعد عن مك الناصر مسافة 20ك
تقريبا ، وكان أبناء الشيخ الصغار والذين واصلوا دراساتهم في عكاشة هم بالترتيب محمد صلاح ومحمد أبراهيم ومحمد عبد الوهاب أحمد خيري وبالطبع كان هناك بنات صغار لكن الشيخ رفض إدخالهم الداخليات
وبعد أن نجح الأبناء في مدرسة عكاشة تم قبولهم في مدرسة عبري المتوسطة وتم قبول صلاح في مدرسة صواردة المتوسطة ومن هناك نجحوا ودخلوا عبري الثانوية فيما بعد .وللعلم رغم تفوقهم رفض الشيخ أن يواصلوا أكثر من ذلك لأنه كان يحتاجهم في مهمة كبرى يرتبط بتعمير أرض الحجر فقد أخرجهم تباعا وزوجهم رغم صغر السن وهم الأن آباء وأبناء هؤلاء هم نواة مدرسة الشيخ أحمد خيري بأرض الحجرالأن .
وفي هذا المقام نذكر ، أن أحد أبناء أصدقاء الشيخ كان قد تزوج من إحدي كريمات الشيخ ، وهو الأستاذ الفاضل / عثمان صالحين عبد المجيد من أبناء سمنة و
أنتقل الأستاذ عثمان من حلفا حيث كان يقيم هناك الى مدرسة عكاشة وكان هو المسئول عن رعاية أبناء الشيخ ومن لحقهم بعد ذلك من أبناء العائدين وبعد سنوات طويلة ، وبعد أن تم موافقة مكتب تعليم حلفا على قيام مدرسة أساس في أرض الحجر ، كان الأستاذ عثمان صالحين هو المؤسس الفعلي لهذه المدرسة حيث كان وما زال يقوم بالتدريس لوحده ومن الجدير بالذكر أن المدرسة يتم فيه البناء بالترتيب ، حيث تم أولا بناء الصف الأول فقط مع مكتب للمدرسين والعام الذي بعده الصف الثاني وهكذا وتم الأن بحمدالله بناء أربع فصول وهم في أنتظار أي مساهمات أو دعم من أبناء النوبة الخيرين لأكمال البناء .
وكذلك المدرسة في حاجة لتربيزات وكتب وأزيار ماءوسبورات .
إزدهــــــــــار أرض الحجر :
أذكر في هذا المقام ، أنه في إحدى سفرياتي لأرض المحس ، طلب مني الشيخ زيارة أحد أصدقاءه القدامى
في كجبار وأسمه { يحي خيري ] وبالطبع زرت الشيخ يحي خيري في كجبار ، أستقبلني الرجل بحفاوة وبدأ يسألني أخبار الشيخ وصموده وحيدا رغم كبر سنه وسألني عن طبيعة منطقة أرض الحجر الذي يعرفها جيدا ، وأعطيته صورة وأضحة ، فقال حكمته الذي مازالت ترن في أذني رغم السنوات الطويلة الذي مضت من ذلك اللقاء ، قال الشيخ يحي خيري رحمه الله: أنه سوف يجئ ذلك اليوم والذي سوف يسمع سكان حلفا صوت بوابير الماء الممتد من أرض الحجر حتى حلفا ؟ بعد ذلك بسنوات وبعد وفاة يحي خيري تحققت نبوئته ، حيث أنحسر النيل وظهرت مساحات شاسعة من الأرض وعاد المهاجرون بكثرة و أمتد رص البوابير على طول الشاطئ من عكاشة وأكمة حتى نهاية خور موسى باشا حيث كان السكان في حلفا يسمعون طق طق صـــــــوت البوابير .
نعم ... كان ذلك في بدايات عام 80 /81 م حيث أخضرت الأرض ولبست وشاحا من الخضرة الزاهية الذي كنا قد فقدناها منذ سنوات طويلة ، ولأول مرة يكون لدينا اللبن الرائب والسمن البلدي والقشطة والمش
لأول مرة ، يجد الأخوة القادمون من أرض السكوت والمحس ، مختلف أنواع الفواكهة والخضر في قهوة البير خاصة البطيخ اللذيذ الذي كان يحبه أهل السكوت؟
عودة المهاجرين
كانت بداية عودة المهاجرين في أوائل عام 1980م حيث كان من أوائل الذين عادو العم / عبد الغني صالح
من شياخة أمبكول ، ثم تبعه بعد ذلك العم إبراهيم دقنس
والحاج محمد صالح والشيخ عبدالرحيم الحسن ومحمد سيداحمد وبكري سيداحمد وأخرين ، حيث بدأو فورا
في أستصلاح الأرض وزراعتها في أمبكول ، وفي مك الناصر كان هناك عدد مقدر قد عاد فعلا أذكر منهم الوالد جمال والعم أحمد عبدالله صالح الذين كانوا أول العائدين أواخر عام 79م ثم تبعهم الأخوان صالح سعيد
على مدني وعلى سعيد ، كانوا أوائل العائدين بعد عام 80م ثم جاء عام 84م فجاء العم علي محمد أحمد مدني
والعم عبدالرحمن والعم عابدين محمد أحمد مدني وبدأ هؤلاء عملهم فوق الأرض الذي نشأت في منطقتهم القديمة ، أيضا جاء العم عوض مدني من حلفا ترك تجارته تبور هناك وبدأ تجارة جديدة قوامها الأرض لزراعتها وفلاحتها ، أيضا كان هناك حركة عودة في بعض قرى أرض الحجر شمال مك الناصر في دويشات كان هناك العم محمد عبده حرتمه وأخوانه ومن العائدين أيضا كان العم عثمان ديشاب الذي عاد من عاصمة الحديد والنار ترك عمله وبيته ليعمر أرض أجداده .
في أتيري عاد عدد مقدر من الرجال في مقدمتهم العم فتحي شلبي والعم عبده حسين شلبي والعم صادق محمد علي
ومجموعة من آل آس موسى ، في سمنة أيضا كان هناك عودة بقيادة الراحل أحمد طه وصالحين عبد المجيد وأخرين ، في صرص وعبدالقادر وأبو حوة كان هناك عائدين في مقدمتهم العم كنينة الكبير وكنينة الصغير وأخرين وفي جمي وعمكة ومرشد حتى خور موسى باشا ، كانت البوابير مرصوصة شرقا وغرباوبدأ الروح تعود لأرض الحجر شيئا وشيئا وأخضرت الأرض وزهت البلد بعد جفاف سنوات طويلة . وهكذا عاد المئات من الكبار والصغار لأرض
الأجداد ولم ينس أغلب هؤلاء العائدين أن يحمل معه عند عودته ، شيئا من الحقد والحسد والضغائن والذي
بلا شك نشأوا عليها في دار الهجرة الجديدة ، وصارت جزء من حياتهم هناك .
يقول صاحب كتاب السد العالي ومأساة النوبيين :
في الصفحة 272
{ لقد أصبح العم أحمد خيري من أثرى أثرياء المنطقة،
إذ ظل يرعى الضأن ويزرع الجروف ، وسمع به أهله الذين هاجروا ، فعادوا لا ليكونوا بجواره وإنما لينازعوه الأراضي الذي كان يزرعها ، بحجة أنه كان يزرع الأرض الفضاء أو جروفهم الذي تركوها ! وأصبحنا نسمع عن مشاكل الأراضي ، الذي كانت قد أختفت من حياتنا منذ الهجرة من جديد }
وفي هذا المقام أذكر قصة حقيقية ، حكاها لي أحد الأخوة من الذين ولدوا وتربوا في حلفا الجديدة يقول :
نقل لنا بعض الناس أن الشيخ أحمد خيري يحتل أرض أجدادنا وانه يقوم بزراعتها ، وعلى ضوء ذلك كونا وفدا للسفر فورا الى حلفا ومن هناك الى أرض الحجر وإعطاء الرجل درسا لن ينساه ، ومن ثم نأخذ منه أراضينا بالقوة ، وصلناحلفا على هذا الأساس وقلوبنا تغلي غضبا ، وسافرنا الى أرض الحجر ، وكان أول المقابلين لنا في قهوة البير بعض أبناء الشيخ الذين رفضوا أن يسمحوا لنا بأن ننزل عند ضيافة شخص آخر ، ورحبوا بنا أيما ترحيب ،وعند وصولنا لمنزل الشيخ ، أستقبلنا أحسن أستقبال وأكرم وفادتنا ، حتى نسينا المهمة الذي جئنا من أجله ، وفي النهاية ، قال لنا الشيخ لقد توسعت الأرض ولا حسد وأرجو أن تعرفوا جيدا أنني ما صمدت وجاهدت إلا لأجلكم ؟ أزرعوا وتزوجوا وأبنوا البيوت ، أريد حياة جديدة في أرض الحجر . وهكذا وجدنا أنفسنا في وضع محرج ونحن لا نستطيع أن نقدم ولا ربع ما قدمه الشيخ وهكذا عدنا أدراجنا لحواشاتنا وبيوتنا في خشم القربة ، بعد أن فشلنا في أول إمتحان ولم نعد نستطيع تحمل الجوع في أرض الحجر .
وفي هذا المقام ، لا بد أن نذكر أن بعض رؤوس الأموال قد جاءت الى أرض الحجر من أخواننا وأهلنا بالسكوت والمحس ، حيث وفروا لمن يملك الأستطاعة والأرض البوابير بوصة 3 والجازولين وقطع الغيار والبلح الذي كنا نفتقده بالطبع في أرض الحجر ، على أن يكون الإنتاج مناصفة بين المزارع صاحب الأرض وصاحب الرأس مال ، وهكذا وجد بعض أولئك الذين كانوا لا يملكون شيئا كل السبل ميسرة لهم للعمل والإنتاج .
نجاح زراعة بعض أنواع الفواكهة :
عمل بعض العائدون على تجربة شتل بعض أنواع الفواكهة ، وبالطبع كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس ، وحتى لا نبخس حق هؤلاء الناس وفكرتهم الجيدة ، نذكر بعض الرواد منهم على سبيل المثال لا الحصر العم عبدالغني صالح والحاج محمد صالح وإبراهيم دقنس والعم عوض مدني ، والفواكهة الذي نجحت تجربتها هي العنب والموز والبرتقال واليوسفي والقرين فروت .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]في هذا المقام ، لا بد أن نذكر أن بعض رؤوس الأموال قد جاءت الى أرض الحجر من أخواننا وأهلنا بالسكوت والمحس ، حيث وفروا لمن يملك الأستطاعة والأرض البوابير بوصة 3 والجازولين وقطع الغيار والبلح الذي كنا نفتقده بالطبع في أرض الحجر ، على أن يكون الإنتاج مناصفة بين المزارع صاحب الأرض وصاحب الرأس مال ، وهكذا وجد بعض أولئك الذين كانوا لا يملكون شيئا كل السبل ميسرة لهم للعمل والإنتاج .
نجاح زراعة بعض أنواع الفواكهة :
عمل بعض العائدون على تجربة شتل بعض أنواع الفواكهة ، وبالطبع كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس ، وحتى لا نبخس حق هؤلاء الناس وفكرتهم الجيدة ، نذكر بعض الرواد منهم على سبيل المثال لا الحصر العم عبدالغني صالح والحاج محمد صالح وإبراهيم دقنس والعم عوض مدني ، والفواكهة الذي نجحت تجربتها هي العنب والموز والبرتقال واليوسفي والقرين فروت .
وفاة الشيخ :
كانت الأيام تمضي ،وأطمأن الشيخ على أن جهاده أصبحت تؤتي أُكلها ، خاصة بعد عودة جميع أبنائه لمشاركته في تنمية البلد وتعميرها ، وبعد أن أصبح ذلك الغريفه الصغيرة من الحجر ، حوشا وآسعا ، وأمتدت بيوت الأبناء من حولها ، وعلى بعد قليل بنيت ، الشفخانه بقيادة المجاهد / جمال عبدالله متولي وفي أقصي الطرف الجنوبي من البيوت ، ظهرت مباني مدرسة الأساس وربانها وراعي نهضتها الأستاذ عثمان صالحين ، ومن على هذا التل المرتفع ،كان الشيخ يراقب حركة أبناءه الذين نال أغلبهم تعليما عاليا ولكن ذلك لم يمنعهم أن يعودوا الى حضن الشيخ بل الى حضن الوطن للمشاركة في التعمير والبناء، كان للشيخ مجلسه العامر في أقصي الطرف الجنوبي أيضا ، يجلس فيه بعد صلاة الصبح ، يزوره فيه ويجلس أليه أحفاده وضيوفه وأباريق الشاي وفتة اللبن الرائب لا تنقطع عنه ، من يد أٌم محمود { رحمها الله } لم يكن يفارق مجلسه هذا إلا لقضاء حاجة أو الذهاب في آخر المساء لغرفته للمبيت ، وكنت حريصا أن أقرأ له أحاديث المصطفي { صلى الله عليه وسلم } وبعض من كتب السيرة وشئ من القرآن الكريم ، متى ما وجدت لذلك فرصة ، وكنا عادة نجتمع عنده في أي وقت من أوقات النهار ، ومن المستحيل أن يأكل أحد أبناءه إلا عند الشيخ ، حيث ُتحضر سُفر الأكل هناك ، عند مجلسه ، كبر الشيخ وأمتد به العمر ، ولكنه برحمة من الله ، كان بكامل قواه العقلية والفكرية ، وكان يهتم بتوضيح بعض الأمور الذي كنا نجهلها وذلك في طريقة غير مباشرة لكي نفهم توصياته لنا ، بل وتعليماته أيضا وأذكر في هذا المجال أنه حدد لنا موقع المكان الذي سوف يدفن فيه ، ورغم أن المقابر كانت في مكان عال بجوار الجبل في أقصى الشرق من الحلة الجديدة إلا أن المكان الذي اختاره كان موقعه بالقرب من الطريق الرئيسي القادم من جهة البير الى الحلة .وبعد حين من الدهر عرفنا الأسباب الحقيقية لذلك الأختيار الغريب حيث كان الشيخ يأمل أن يكون قريبا منا حتى نوفيه حقه من الدعاء ،كلما مررنا من عند قبره وقد كان !
ذات صباح ، من صباحات أرض الحجر ، وقبل أنبلاج
الصباح ، ذهبت ، أُم محمود توقظ الشيخ لصلاة الفجر ،
وراعها أن الشيخ ، كان على غير عادته ، في شبه سبات عميق ، وحركه من يديه ، فوجده باردتين ، فحركه مرة ثانية ،وثالثة ، فعرفت ، أن الشيخ قدفارق الحياة وأن روحه قد ردت الي بارئها ،فنادت أبنائه الكبار ، وهي تحتسبه عند الله ، وهكذا أنتهت رحلة حياة الشيخ ، الذي كان حافلاً بالأمجاد والجهاد .
وأذكر أن مأتم التعزية على روحه قامت في أكثر من مكان وفي أكثر من دولة يوجد فيها أحفاده وعشيرته وأهله ، ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شئ عنده بقدر ،
إنا لفراقك يا بابا أحمد لمحزونون لمحزونون لمحزونون ، ولكن عزائنا فيك أنك موجود في دواخلنا وفي ارضنا وفي تاريخنا الجديد في أرض الحجر وهي في أبهى حللها وفي أنضر جمالها نعم يا جدي العزيز لم
نجلس في مجلس عزاء يطول أيامه ولياليه ، لأن فرحتنا برؤيتك قبل مماتك نهضة مك الناصر الجديده كما كنت تتمني وتدعوا الله ، أنستنا وفرجت عنا الأحزان ، رحمك الله ونم هانئا قرير العين في رقدتك الأبديه . كتب الأستاذ حسن عبد اللطيف قرناص مرثية في صحيفة الأيام بعنوان : عاشت مملكة أحمد خيري ...!! يقول :ذات ليلة حزيرانية من ليالي عام 1964م والحزن يجتاح قرى وأدي حلفا التي غادرها أهلها بسبب طوفان السد العالي ،كان هناك قلة من الذين آثروا البقاء وتحدوا فيضان النيل ، بقيت البيوت خاوية على عروشها وأشجار النخيل الباسقات تضرب جسدها بجريدها وكأنها تندب الحظ وتتأسف للفراق والرحيل ... كلاب الحي تعوي عواءٍ غريبا فقد تركها أصحابها قسراً بعد أن منوا أنفسهم بأن يحملوا معهم حتى قبور موتاهم الى الوطن الجديد .
في ظل هذه الأوضاع المضطربة ، كان يعيش آنذاك في قرية مك الناصر عم أحمد خيري ، لقد تحدى الرجل رغم ضآلة جسمه ثورة النيل ووقف خيري شامخا كجبل العتمور وسط الصحراء ، ظل وحيدا بأسرته في مواجهة الطوفان ليضرب أروع مثل في الصمود والثقة والوفاء، لقد آوي العم خيري بأفراد أسرته الى جبل ظنا أنه سيقيه من الطوفان ولكن هيهات ، فقد حاصرت المياه القوية من كل حدب وصوب وبدأت تغوص في الماء شيئا فشيئا ، أهتدي خيري الى ربوة عالية وهو يخفي دموعه من فلذات أكباده وهم يتحسسون ببراءة الطفولة أرديتهم المبللة في براءة عجيبة !!! ذهب عم خيري في شرود عظيم يتدبر مستقبله ، هل يكون أو لايكون !!! يبقي صامدا أم يستسلم مثله مثل الأخرين ويهاجر ....!!! في تلك الساعة بالذات هدأت العواصف قليلا وأهتدى خيري للأجابة القاطعة ..أنه قرر البقاء ومجابهة التحديات ، أخذ أطفاله الى بقعة بالقرب من مك الناصر القرية القديمه ، ويشرع في بناء بيت من الوحل الأغبش والأطفال يناولونه الماء والحجارة ،أنه في الحقيقة كان يبني مشروع وطن جديد أجمل من كل الأ وطان ، وعندما أنحسرت المياه قليلا ،زرع بعض الخضر والفاكهة والأعلاف ، وتوصل عم خيري الى إتفاق غير مكتوب مع الذئاب والضباع والسباع ، يقوم بموجبه بتوفير كبش للوحوش كلما دعت الضرورة ..!
بـــدأ خيري في إرساء دعائم مملكته الجديده بتزويج الأولاد والبنات ، ثم أستدعاء أبنه البكر الذي كان يعمل في الخرطوم ونصبه شيخا للقرية ، ثم رفعه الى عمدة ، بعد أن توسعت المملكة ، أخضرت الأرض ، وربت وسمت شتلات النخيل ، من جديد ، وتوالدت وتكاثرت المواشي ، وعم الخير الوفير أرجاء المملكة ، فعاد المهاجرون من جديد الى مملكة خيري ، وبصدره الواسع الكبير أستقبلهم وأكرم وفادتهم ..!! وأستمرت عجلة الحياة هناك في الدوران ..!!! قبل أيام وقف خيري وقفة الصمود وألقى نظرة أخيرة على أرجاء المملكة وآوى الى سريره مودعا الدنيا والمملكة الى الأبد ، لقد رحل خيري بعد أن أرسى قواعد البقلء والصمود في نفوس أجياله وأهالى المنطقة .. ألآ رحمة الله بقدر ما أعطى لوطنه وأمته وأرضه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شياخة مك الناصر ـــــــ عمودية دويشات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الرجل الرمز يكتب عن جمال عبد الناصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات معتصم أقداوي للثقافة والتراث النوبي :: الـمــنـتـديـات الـنـوبـيـة :: منتدي نجوم في سماء النوبة-
انتقل الى: